أخطاء الأطباء.. من يدفع الثمن؟!
في الولايات المتحدة.. الأخطاء الطبية السبب الثالث للوفاة
قانون العقوبات المصري يخلو من عقوبة المخطئ!
اطباء : نقر بأننا نمارس مهنة خطيرة وأخطاؤها في غاية الضرر
قبل أيام دخلت دعاء ثابت، ربة بيت، من محافظة الفيوم لإجراء عملية حصوة بالقناة المرارية فخرجت جثة هامدة، كما اتهم الداعية الإسلامي عبد الله رشدي مستشفى بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة، بارتكاب خطأ طبي أدى إلى دخول زوجته البالغة من العمر 35 عاماً في حالة حرجة، وتوقف قلبها، مشيراً في بلاغه إلى أنه وُضعت على أجهزة إعاشة، حتى وافتها المنية.
تأتي هذه الأخطاء ومثيلاتها لتفتح ملف أخطاء الأطباء المتكررة من جديد .. فهل الأخطاء ناتجة لأسباب تخريج أطباء يعوزهم التدريب، أو أن الجامعات الخاصة فتحت أبوابها لمن يملك المال دون التسلح بالعلم، ومن الرقيب على هذه الدفعات التي تتخرج من الجامعات الخاصة من الأطباء.
وكانت مؤسسة ملتقى الحوار أصدرت تقريرًا حول الإهمال الطبي، مؤخرا ، وتم عرضه من خلال المستشفيات الخاصة، خلال الفترة الأخيرة، حيث أكد التقرير أنه لا يوجد إحصاء رسمي عن عدد الأخطاء الطبية في مصر، ولكن تقدر وزارة الصحة عدد الأخطاء الطبية في مصر سنويًا بـ 180 ألف حالة، وتقوم نقابة الأطباء بشطب نحو 20 طبيبًا سنويًا بسبب الأخطاء الطبية.
وأكد التقرير أن الأخطاء الطبية تقع في جميع دول العالم ولا تقتصر على دولة دون أخرى، إلا أن تكرارها هو ما يلفت الانتباه، فالأخطاء الطبية مسلسل لن ينتهي، ليس في مصر فقط بل في كل دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تمثل الأخطاء الطبية فيها السبب الثالث للوفاة بعد أمراض القلب والسرطان مباشرة
قانون العقوبات المصري يخلو من العقوبةّ!
ولفت التقرير إلى أنه لا يوجد في قانون العقوبات المصري ما يسمى الخطأ أو الإهمال الطبي، ولكن كل ما هو موجود نص المادة 244 من قانون العقوبات وكذا نص المادة 238 من القانون نفسه، وهما ما يتم القياس عليهما في شأن جرائم الإهمال الطبي، كما أن هناك اعتقادا راسخا عند البعض أن اللجوء للمستشفيات الخاصة للكشف الطبي أو لإجراء عملية جراحية هو أنسب الحلول لما تتميز به هذه المستشفيات من خدمات غير موجودة بالمستشفيات العامة.
وأكد التقرير أن الحقيقة هي أن الإهمال طال بعض المستشفيات الاستثمارية حتى أصبح ما يستطيعه بعضها هو الحفاظ على النظافة فقط إن استطاعوا ذلك، في حين أن بعض المستشفيات الخاصة لا يميزها عن الحكومية سوى الاسم، والشكل العام لها.
أنواع الأخطاء الطبية
كما ناقش التقرير أنواع الأخطاء الطبية، وأسبابها، وحقوق المريض وواجباته، ورصد 35 حالة إهمال طبي في 13 محافظة، ومن خلال التحليل البيانى تبين أن عدد حالات الوفاة بمحافظة الجيزة أكبر عدد من باقي المحافظات، يليه محافظة القاهرة ثم الإسكندرية، كما تأتى حالات الوفاة في المقدمة يليها العجز والأخطاء الجراحية.
ومن حيث الجنس، تأتي النساء اللاتي تعرضن للإهمال الطبي في المقدمة، يليهن الأطفال ثم الرجال، وهو ما يوضح أن أغلب الحالات في عمليات التجميل أو الولادة.
أين قانون المسئولية الطبية؟
وناشد التقرير سرعة إصدار قانون المسئولية الطبية، وهو القانون الذي سيكون الفيصل الوحيد لمنع التراشقات التى تحدث بين الطبيب وأهل المرضى، والذي يفرق بين الخطأ الطبى والإهمال الجسيم، وكذلك إنشاء تقرير المسئولية عن الضرر الطبي، تكون مستقلة عن الجهات التنفيذية وتعد جهة استشارية تتبع النائب العام، وتضم هذه الهيئة ممثلين عن المرضى ومصلحة الطب الشرعى ومجلس القضاء ونقابة الأطباء ووزارة الصحة والمستشفيات الجامعية.
وتقوم تلك الهيئة بالتنسيق مع اللجان النوعية فى التخصصات المختلفة لتحديد وقوع الضرر على المريض نتيجة خطأ من مقدم الخدمة، وتحديد جداول التعويض المالى لمتلقى الخدمة، تبعا للضرر الواقع عليه.
وأكد سعيد عبد الحافظ، رئيس مؤسسة ملتقى الحوار، أن الصحة تعد أصيلا من الحقوق الأساسية للإنسان، ورغم التطور الكبير الذي شهدته المستشفيات وأساليب العلاج، فإن الأخطاء الطبية لا تزال تقع، وهناك حالات من الإهمال الطبي عديدة ويجب مواجهة هذا الأمر بكل حزم.
وقال عبد الحافظ، إن مصر في حاجة ماسة إلى تنظيم قانون المسئولية الطبية، ليعالج مختلف جوانبها الموضوعية والإجرائية؛ خاصة طبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض، ومفهوم الخطأ الطبي، ومعياره، ومراحله في التطبيق من حيث التشخيص والعلاج والجراحة، والقواعد الخاصة بإثبات الخطأ الطبي، والتأمين على المسئولية الطبية، وسجل الأخطاء الطبية.
من جانبه، أكد محمد البدوي، مدير البحوث والبرامج بمؤسسة ملتقى الحوار، أن غياب التشريع الخاص بالمسئولية الطبية، من شأنه أن يفتح المجال للكثير من الاجتهاد، والدوران في حلقات مفرغة، وقد نصبح أمام بيئة خصبة لاستمرار الأخطاء الطبية في ظل غياب ا
اعترافات كبار الأطباء
أحد الأطباء الكبار يؤكد: «نعترف ونقر بأننا نمارس مهنة في غاية الخطورة وأخطاؤها في غاية الضرر. فقد يفقد مريض حياته أو يصاب بالعجز الدائم نتيجة لخطأ أو إهمال طبي».
ويلقي الطبيب بالمسؤولية على الدولة والمجتمع عدم الأخذ بجدية كافية مسألة إعداد الطبيب للممارسة «فالمهنة دائماً متطورة وتستعين يوماً بعد آخر بمزيد من التقنيات المعقدة وكل تقنية تضيف مخاطر جديدة».
ورأى أن من عيوب المهنة التنافس بين الذين يمارسونها وتخريج أطباء يعوزهم التدريب ينطلقون في المجتمع لكي يكتبوا وصفات طبية غالباً تحتوي على أدوية مضادة لبعضها.
في الولايات المتحدة التي تعد من أكثر الدول تقدماً في العلاج الطبي يشكو تقرير أمريكي من استمرار ارتكاب الأخطاء الطبية.
يقول التقرير «تعاني صناعة الطب من فشل يدعو للأسى إزاء وضع الضوابط القانونية لتلك الأخطاء»، أنحى باللائمة على القوانين الحديثة التي تجعل من الصعب على المريض المتضرر أن يلجأ إلى العدالة. ورأت أنه بدون مساندة القانون يجد المريض نفسه عاجزا عن اللجوء إلى العدالة لأخذ حقوقه.
وكشف التقرير أنه في أقرب حادثة تم تغريم طبيب المسالك البولية ستيف آش، وهو جراح من مستشفى مركز بيلور الطبي في جرين فاين بولاية تكساس، لارتكابه خطأ خطيراً باستئصال كلية سليمة لمريض بدلاً من الكلية المريضة.
وأعرب التقرير عن غضبه لأن الغرامة المالية لم تتجاوز الـ3 آلاف دولار أميركي ثمناً لكلية المريض السليمة، وقد بات المريض يعاني من آلام نفسية وتداعيات صحية خطيرة.
الأخطاء الطبية تعود لعدة أمور:
ورأت دراسة صادرة عن هارفرد حول الممارسات الطبية الخاطئة أن الخطأ الطبي يعود للأمور التالية:
ـ عدم القيام بالتشخيص في الوقت المناسب، وكذلك الخطأ في تقويم الحالة المرضية.
ـ الخطأ في وضع خطة سليمة لإجراءات العملية.
ـ استخدام خطة غامضة في التشخيص.
ولعل من أسوأ الحوادث التي تتسبب في إصابات خطيرة هي الناجمة عن التعامل مع حالة المريض وليست بسبب حالة المريض الصحية. ولعل من أسوأ الحالات تلك الناجمة عن وجود خطر جراحي كان بالإمكان تفاديه.
استخدمت الدراسة عينات عشوائية خاصة بـ30 ألف حالة لمرضى وقعوا ضحايا الأخطاء الطبية.
وتحدثت الدراسة بدقة عن 1110 أخطاء طبية وقعت في 51 مستشفى تم انتقاؤها كعينات عشوائية من ولاية نيويورك، وتحدثت الدراسة عن أخطاء منها 58 في المئة جراحية بينما نسبت 6,27 في المئة من الأخطاء بسبب الإهمال. وقال التقرير إن هناك الكثير من الأخطاء الطبية والإصابات التي يمكن الحيلولة دون حدوثها، وتاليا بعض العوامل التي يمكن أخذها في الاعتبار:
المسؤولية مشتركة
يلاحظ أن استمرار الطبيب بالعمل لفترات طويلة يلعب دوراً خطيراً في التسبب بارتكابه أخطاء طبية قد تودي أحياناً بحياة المريض أو تجعله عاجزاً طوال حياته. وتحقق بعض الدراسات الآن في تأثير الحرمان من النوم في ارتكاب تلك الأخطاء الجراحية. ورأت تلك الجهات أن عمل الطبيب لمدة 100 ساعة في الأسبوع من شأنها أن تسفر عن وقوع أخطاء قد تسفر عن وفاة مرضى.
وهناك أخطاء ناجمة عن سوء النظام الطبي المعمول به في إدارة المستشفى، ولاحظت الدراسة أن معظم الأطباء الذين يقعون في أخطاء يتعرضون لضغوط يمارسها أطباء كبار فضلاً عن وجود أخطاء في خطط الرعاية الطبية، ومعظم هؤلاء الأطباء ينتمون إلى فئة أطباء الرعاية الأولية للمريض، وهو ما يؤدي إلى تحميلها جهدا أكبر نحو المرضى.
ويلعب أيضا نقص الممرضات وضعف الخبرة لدى أخريات في التسبب في أخطاء طبية وفي هذه المرة تنحصر الأخطاء في الإهمال وسوء تقدير حالة المريض وعدم إعطائه الدواء في الوقت المناسب.
كما أن ضعف الخبرة يؤدي إلى تدني مستويات العناية.
وحسب تقرير صحفي نشرته صحيفة «شيكاغو تريبيون»، فقد توفي 1720 مريضا في المستشفيات الأميركية وتضاعفت الحالة المرضية للعشرات من المرضى بسبب قلة خبرة الممرضات أو نتيجة الأعباء الثقيلة التي توكل للممرضة التي يمكن أن تعمل لساعات طويلة.
وتشير إحصائية إلى أن ما لا يقل عن 7 آلاف مريض لقوا حتفهم في العام 1993، نتيجة لوصفات طبية خاطئة، ومسؤولية من يتحمل المسؤولية هنا معقدة للغاية ويحملها على عاتقه الطبيب الذي وصف الدواء ومن قام بصرف الدواء والأشخاص المكلفون برعاية المريض. وتكشف الإحصائية عن أن 682 طفلاً أدخلوا المستشفيات في المملكة المتحدة بسبب وصفات طبية كان من بينها 441 وصفة خاطئة.
الأخطاء الشائعة
ـ وصف أدوية تتسبب في إلحاق الضرر بالكلية والكبد.
ـ وصف أدوية لمرضى قبل أن يتأكد الطبيب بأنهم يعانون من أمراض الحساسية.
ـ استخدام المصطلح الدوائي الخاطئ وارتكاب خطأ في كتابة الأسماء المختصرة للأدوية.
ـ ارتكاب خطأ في تحديد حجم الجرعة الدوائية.
ـ وصف جرعات مضاعفة الكمية للمريض.
أخطاء الأطباء.. من يدفع الثمن؟!
قال تقرير من القاهرة، وهو بعنوان «أخطاء الأطباء.. من يدفع الثمن»؟! إن السنوات الأخيرة شهدت أخطاء قاتلة من الأطباء حتى في أكبر المعاهد والمراكز الطبية، الأمر الذي يطرح بصورة ملحة قضية المسؤولية عن الأخطاء التي تودي بحياة مرضى ومن المسؤول عن متابعة تنفيذ العقوبات التي حددها القانون؟!
وألمح التقرير إلى اعتراف كبار الأطباء بتدني المستوى عند كثير من الأطباء وتوقف التعليم المستمر للطبيب، وتجاهل التدريب لحديثي التخرج.
ويقول التقرير إن «نقابة الأطباء» (المصرية) تصرخ من الأعداد الغفيرة التي تقبلها كليات الطب، خاصة الجامعات الخاصة، دون الاهتمام بالمستوى التعليمي.. وأكدت النقابة أنها لا تحمي المهملين من الأطباء، بل تدافع فقط عن شرف المهنة.
الأخطاء الطبية لا تميز بين الدول المتطورة والنامية
حدوث الأخطاء الطبية لا يميز بين دول متطورة وأخرى نامية، لكن بالنتيجة، المريض وحده من يدفع الضريبة وغالباً ما تكون حياته هي الثمن.
فلقد تعرض عدد كبير من مرضى السرطان، الذين يتم علاجهم في إحدى المراكز الأميركية، إلى إشعاعات بنسبة 50% أقوى من المفترض أن يتلقوها.
وصرح مصدر مسئول إن 77 مريضاً يعانون من هذا الخطأ في حين أن 12 مريضاً آخر قد توفي.
ولقد صرح مدير مركز موفيت للأبحاث وعلاج أمراض السرطان، بأن «بعض المرضى عانوا من ردود فعل جانبية، لا تختلف عن العوارض العادية التي يعاني منها مرضى السرطان».
وأضاف: «يتطلب ظهور أعراض جانبية كالصداع، تراجع النطق أو الذاكرة من ثلاثة أشهر إلى سنة. وختم قائلاً: «إننا نتحمل مسؤولية هذا الخطأ، الناتج عن خلل في الجهاز»