تحقيقات وحوارات

استبعاد «التعليم» للحوامل والبدينين.. عنصرية وظلم أم مقاييس عالمية للتوظيف؟

بكري يتقدم بطلب إحاطة.. والباز: قرار مهين.. و«المحافظين»: غير دستوري

شروط صارمة لمسابقة تعيين الـ30 ألف معلم

 

وضعت وزارة التربية والتعليم عدة شروط صارمة لمسابقة التعاقد مع 30 ألف معلم رياض أطفال ومعلم فصل، في يوليو 2022، لضمن اختيار الكفاءات فقط، ومنع الوساطة والمحسوبية، أولها التقديم والخضوع للاختبارات إلكترونيا بالكامل.

واستعانت لأول مرة بالكلية الحربية لاختيار المتقدمين للمسابقة، كخطوة لإنجاز مبادرة تعيين 30 ألف معلم سنويا، ولمدة 5 سنوات، بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لحل مشكلة عجز المعلمين البالغ وفق تقديرات نصف مليون.

ومن بين الشروط المعلنة لخوض المسابقة أن يكون التقدير العام للمتقدم على الأقل جيد، وألا يزيد السن عن 35 سنة، وأن يكون حاصلا على بكالوريوس التربية في تخصص رياض الأطفال، إلا أن الوزارة فرضت شرطين إضافيين وهما استبعاد أصحاب الوزن الزائد، وعدم الحمل.

وزير التعليم تعهد بإتاحة الفرصة للمستبعدين

وردا على الشكاوي، تعهد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، رضا حجازي، إتاحة الفرصة مرة أخرى أمام المعلمين والمعلمات الجدد لاستكمال الاختبارات المتبقية لهم، عند زوال الظروف الصحية التي حالت دون استكمالها سواء تعلقت بالحمل والولادة أو الوزن الزائد.

ووجه الوزير بالتواصل مع مجموعة المعلمين والمعلمات الذين حالت ظروفهم الصحية دون استكمال الاختبارات عبر منسقين مختصين في الوزارة لتوضيح الخطوات المقبلة ومواعيد استكمال الاختبارات.

وبرر موقف الوزارة بالارتكاز على اختيار معلمين يتمتعون بمهارات مهنية، ومعارف متجددة، وقيم وسلوكيات مهنية سليمة ولديهم القدرة على تنمية مهاراتهم بشكل متواصل في سبيل مواكبة أساليب التعليم الحديثة، وبناء شخصية الطفل وتطوير قدراته سواء المعرفية أو المهارية.

المتقدمات للمسابقة يرفضن القرار المفاجئ باستبعاد الحوامل

وشككت نهال زيدان، إحدى المتقدمات للحصول على وظيفة مدرس رياض أطفال، في موقف الوزارة من إعادة المسابقة للمتخلفين لشروط الوزن والحمل، مضيفة «نجحت في 2019 باجتياز اختبارات مسابقة تعيين 36 ألف معلم، لكن لم أحصل على الوظيفة، وفي العام التالي أعلنت الوزارة عن تعيين 120 ألف معلم، واشترطت التسجيل عبر البوابة الإلكترونية».

وكشفت عن محاولتها الانضمام لآخر مسابقة أعلنتها الوزارة واجتازت الاختبارات ووُضعت على قوائم الاحتياطي، مؤكدة أن مديرية التعليم في البحيرة احتاجت لمعلمين بعدها، إلا أنها لم تلتفت لقوائم الاحتياطي، وعينت خريجين جدد على حد زعمها.

مصطفى بكري يطالب وزير التعليم بإلغاء القرار: الحامل هتولد

وتعليقا على الواقعة، دعا الإعلامي والنائب مصطفى بكري، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، الدكتور رضا حجازي، إلى إلغاء قرار استبعاد الحوامل وأصحاب الوزن الزائد من المرحلة الأولى للمسابقة.

وأوضح أن التوقعات اتجهت إلى اعتماد في اختيار المعلمين على معايير تتعلق بالكفاءة، مضيفا أن الكثيرون فوجئوا بأن أصحاب الوزن الزائد والحوامل، ممنوعون من استكمال المسابقة، والحصول على الوظيفة.

ونبه إلى اجتياز الكثيرين الاختبارات كافة، بما فيها التنظيم والإدارة، متابعا «مستغرب من القرار، أتمنى من الدكتور رضا حجازي، ضرورة التراجع عن القرار»، كما تساءل: «ما الذي يعنيه أن سيدة حامل تستبعد، الحامل هتولد لكن ستكون ضيعت الفرصة عليها، وما علاقة الوزن الزائد بالتدريس؟».

وتوجه بكري بطلب إحاطة للجنة التعليم، على أمل أن يتراجع الوزير وأن تكون المعايير الخاصة بالكفاءة هي الأساس، لأن هذين الشرطين فيهما ظلم كبير.

الباز: القرار حكم إعدام لأصحاب الوزن الزائد والحوامل

في السياق نفسه، تطلع الإعلامي محمد الباز، إلى تمتع موظفي الدولة، باللياقة البدنية والحيوية، قائلا «أمر كلنا نتمناه، لكن ليس كل الوظائف تتطلب الشروط البدنية بنسبة 100%».

واعتبر أن دوافع الدولة في توجهها، قد تكون نبيلة، لسعيها لموظفين أصحاء، مؤكدا أن قرار استبعاد الحوامل وأصحاب الوزن الزائد من المرحلة الأولى لمسابقة الـ30 ألف معلم، يؤدي إلى «مآلات مؤذية»، إلا أنه أقر بنبل مقاصد القرار.

وقال إنه لا يرضى الرئيس ولا رئيس الوزراء، مشيرا إلى أن استبعاد مدرس كفء نجح في مختلف الاختبارات سواء الرياضية أو النفسية، والأمور المعرفية، لأن وزنه زائد، بمثابة إصدار حكم بالإعدام على هذه الفئة.

واستطرد الباز «بصوت كل المدرسين الذين أهانهم الوزير، وأزعجهم، أطالب الدولة بالتراجع عن القرار، ونخلينا رفقاء ببعض، وبدلا من استبعادهم، نساعدهم ببرنامج لفقدان الوزن، لأنهم أيضًا يريدون أن يكون أصحاء، وقرار استبعادهم مؤذي جدًا، ويدمر حياتهم»، مختتما «هذا القرار لا يمكن يتحمل رضا حجازي مسئوليته بمفرده».

حزب المحافظين: المسابقة بلا مخصصات والقرار غير دستوري

ورفض حزب المحافظين استبعاد بعض المتقدمين ضمن مسابقة تعيين 30 ألف مُعلم بسبب السمنة، مؤكدا أن العجز الشديد في المعلمين بعدما بلغ 400 ألف معلم في جميع المراحل التعليمية، أعلن رئيس الجمهورية العام قبل الماضي تعيين 150 ألف معلم علي 5 سنوات بواقع 30 ألف معلم كل سنة.

وأشار رئيس لجنة التعليم في الحزب، طه أبو الفضل، إلى تحديد مرحلة رياض الأطفال والتعليم الابتدائي للمتقدمين، وتصفيتهم من 240 ألف معلم إلي 30 ألف معلم بعد تجاوز كل الاختبارات.

ونفى وجود مخصصات مالية من ميزانية العام المالي الماضي للمسابقة، ورغم ذلك تم ترحيل الدفعة لميزانية ٢٠٢٣م /٢٠٢٤، ووضع اختبارات جديدة، ووجب علي المتقدمين تجاوزها مثل الاختبارات الرياضية واللياقة وكشف الهيئة وفترة معايشة وتدريب بالكلية الحربية وجميعها لم تكن موجودة بشروط المسابقة، وغير دستورية.

ورأى أن النتيجة الطبيعية تمثلت في استبعاد المتقدمين بسبب السمنة وزيادة الوزن وعدم وجود لياقة رياضية، مضيفا «تجسدت هذه الكارثة عند لقاء رئيس الجمهورية بهؤلاء المتقدمين في كشف الهيئة بوجود وزير التربية والتعليم ووزير الدفاع والقيادات العسكرية».

مواجهة طلبات الإجازات المرضية ورعاية الطفل ضرورة للمرحلة

من جهتها، أكدت الدكتورة سعاد صابر، الاستشاري التربوي، أن مسابقة الـ 30 ألف معلم الأخيرة تعد المسابقة الوحيدة التي شملت إجراء الكشف الرياضي والطبي وكشف الهيئة للمتقدمين عن طريق الكلية الحربية، واستحداث اختبارات مشابهة للياقة البدنية والتمارين الرياضية في مسابقات التعيينات الحكومية، مؤكدة حرص الحكومة على معايير اللياقة البدنية في التعيينات.

وتابعت «صابر»، أن وزارة التربية والتعليم تعاني عجزًا صارخًا في الكوادر البشرية العاملة، وتعيش حاليًا فترة حرجة خاصة مع بدء اقتراب العام الدراسي الجديد، مشددة على سعي الوزارة جاهدة لتعيينها أشخاصًا لا يحتاجون إلى الإجازات، ومواجهة طلبات الإجازات المرضية والإجازات بدون مرتب ورعاية الطفل.

وأكدت أن قرار الوزير يسعى إلى تجنيب ذوي الظروف الطارئة، وليس الاحتياجات الخاصة، مؤكدة أن القرار يستهدف أكبر عدد من الشباب من الفئات العمرية الصغيرة، لخلق فرص عمل، مشددة على احتياج الوزارة لكوادر قادرة على العطاء مع كل عام دراسي جديد.

فتحي: الوزارة تسعى لتحسين بيئة العمل واختيار أفضل الكوادر

من جهته، أيد الدكتور محمد فتحي، الخبير التربوي، الحكومة في قراراتها، مؤكدًا أن الشروط الجديدة المستحدثة من قبل وزارة التربية والتعليم تسعى لتحسين بيئة العمل، واختيار أفضل العناصر والكوادر البشرية التي يمكنها المساعدة في تقديم تعليم حقيقي للطلاب، وليس التقليل من شأن أحد أو الإساءة إليه.

وأوضح أن نظام قياسات الوزن مع الطول ليس مستحدثًا بشكل عام، فهو يُطبق في العديد من قطاعات الدولة، لكنه يُطبق لأول مرة بوزارة التربية والتعليم، لافتًا إلى أنها خطوة جيدة نحو تعليم أفضل لكنها ستتطلب اتخاذ خطوات أخرى لضمان حسن سير العمل التربوي داخل المدارس والفصول.

وأكد أن قرار استبعاد السيدات الحوامل وأصحاب الوزن الزائد، من مسابقة الـ 30 ألف معلم، هدفه الارتقاء بالمنظومة التعليمية ككل، وخلق مساحة وظيفية للمتقدمين من الشباب، قائلا «دور المعلم داخل الفصول الدراسية يستلزم أن يتمتع بقدر كبير من النشاط والحيوية، لكي يتمكن من تحفيز طلابه وتشجيعهم وتنشيط أذهانهم، ويستثير حماسهم ودافعيتهم، مما يتطلب أن يكون المعلم مرنًا، ولديه قدر عالٍ من القدرة على الحركة والنشاط، ليسهل عليه الحركة والتنقل بين الطلاب داخل الفصل الدراسي.

انتقادات لإعلان استبعاد أصحاب الوزن الزائد باللحظات الأخيرة

وانتقد عدم إعلان شرط استبعاد أصحاب الوزن الزائد والحمل والولادة قبل بدء المسابقة بفترة، بشكل واضح للمعلمين؛ ليؤهل راغبي التقدم أنفسهم، مشددًا على ضرورة إعفاء هذه الدفعة المتقدمة بالفعل، والتي خاضت كافة الاختبارات، واستثنائها من هذا الشرط، على أن يُطبق من المسابقات التالية.

شوشان: قرار وزير التعليم يصب في صالح الطالب والمعلم قدوة

من ناحيته، وصف الدكتور على شوشان دكتور الصحة النفسية، قرار وزير التعليم باستبعاد أصحاب الوزن الزائد من المسابقة بالخطوة الجيدة، مؤكدا أنه يصب في صالح الطالب لأن المعلم هو القدوة.

ورأى أن استبعاد من يعانون من السمنة قرار يتشابه في مضمونه مع قرار الكشف على الموظفين الذي يعانون من الإدمان، متوقعا أن يحقق نتائج إيجابية بالنسبة للمعلمين، موضحا أن أعداد المتقدمين للمسابقة كبيرة للغاية.

واختتم بقوله «القرار صائب ويصب في مصلحة المعلم والطالب بآن واحد»، مشددا على أن وزير التربية والتعليم يسعى إلى إصلاح المنظومة بشكل تدريجي.

سامية خضر: القرار يعكس توجها عالميا بمعايير التوظيف

من جهتها، قالت سامية خضر، دكتورة علم اجتماع، إن زيادة الوزن أحد الأمراض الأكثر شيوعا في مصر، مضيفة أن البعض منهم يعجز عن استكمال مهام عمله خلال ساعات الوظيفة.

وتساءلت خضر «كيف يؤدي المعلم رسالته إن لم يكن قادرا على الحركة؟»، موضحة أنه توجه عالمي لا يتعلق بمصر وحدها، إلا أنها طالبت الوزارة بالتوعية بمبررات القرار، منعا لأي التباس قد يواجه الرأي العام في تفسيره، رافضة أي مؤثرات تنعكس سلبا على نشاط الطلاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى