التغيرات المناخية تجوع العالم
الهند تحجب الأرز والفيضانات تجرف محاصيل الصين وأوروبا تستورد
مصر تطور الري وتبحث عن تقاوي جديدة مقاومة للحرارة
فارس محمد
ضربت التغيرات المناخية إنتاج المحاصيل الزراعية وخصوصا الحبوب في العديد من الدول المنتجة، ما دفع الهند إلى حظر تصدير الأرز الأبيض للحد من ارتفاع الأسعار المحلية، كما أتت الفيضانات في جنوب الصين على محصول الذرة، في حين قلل الجفاف بشمالها إنتاجية الأراضي الزراعية.
وتتفاقم خطورة الوضع بالدول المستوردة للحبوب على غرار مصر، خصوصا مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية أكبر الدول المصدرة للحبوب في العالم، ومصدر القاهرة الرئيسي سابقا في واردات القمح.
وزادت أسعار الأرز العالمية إلى أعلى مستوياتها في ما يقرب من 12 عامًا، وفقًا لمؤشر أسعار جميع أنواع الأرز التابع لمنظمة الأغذية والزراعة “فاو”.
الزراعة تواجه التغيرات المناخية بالمشروعات العملاقة والري الحديث
وصرح الدكتور محمد القرش المتحدث باسم وزارة الزراعة، بأن العالم يواجه أزمة تغير مناخي حادة، بينما تحركت مصر باتجاه تنفيذ مشاريع عملاقة في مختلف المحافظات منها مشروعات لتعظيم إنتاجية الأرض الزراعية وكفاءة استهلاك المياه.
وأرجع مشاريع وزارة الزراعة إلى تطوير أساليب الزراعة وتحديث نظم الري على امتداد توشكي وسيناء ومستقبل مصر والدلتا الجديدة والريف المصري الجديد وغرب المنيا، مؤكدا إضافة مساحات زراعية جديدة لتوسعة المساحة المنزرعة.
وأشار إلى مواجهة التغير المناخي بعدة محاور منها استخدام الري المطور، بمليارات الجنيهات، وكذلك تطوير التقاوي واستنباط أصناف جديدة منها عبر البحث العلمي في مركز البحوث الزراعية لاستنباط أصناف جديدة، تناسب الظروف الحالية سواء باحتياجاتها المائية الأقل ووفرة إنتاجها.
تراجع إنتاجية المحاصيل الحقلية 30% جراء تقلبات الحرارة
وقالت الدكتورة منى محمود، الخبير الزراعي وباحثة دكتوراه بجامعة أسوان، إن ارتفاع درجات الحرارة الصيف الحالي أدى إلى مشاكل كثيرة تعرضت لها أشجار الفاكهة ومحاصيل الخضر والمحاصيل الحقلية ما تسبب في انخفاض إنتاجية المحاصيل بنسبة وصلت إلى 30 % جراء التقلبات المفاجئة في درجات الحرارة والرياح والرطوبة.
وتابعت «محمود»، أن أكثر المحاصيل تعرضًا لأثر ارتفاع درجات الحرارة كان محصول المانجو بجميع أصنافه المحلية والأجنبية، بعدما تعرض في الشتاء إلى موجات دفء تسببت في التزهير المبكر وفقد كمية من المحصول بسبب الصقيع بعده.
وأشارت إلى ضرورة تبني أساليب لمكافحة أضرار الحرارة العالية على محصول المانجو مثل تغطية الثمار بالأوراق وخاصةً المواجهة للشمس، ورش مركبات تعكس أشعة الشمس مثل سليكات الألمونيوم وسليكات البوتاسيوم والأحماض الأمينية، قبل التعرض لموجة الحرارة المرتفعة بالإضافة إلى تنظيم عملية الري، وتقليل المدى الزمني بين عمليات الري.
ورأت أن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى تضرر جودة المحصول، وبالتالي انخفاض سعره في السوق؛ داعية المزارعين إلى لمراجعة درجات الحرارة من خلال الأرصاد بصورة مستمرة تحسبا لأي متطلبات احترازية.
عدم اكتمال تلوين العنب بسبب ارتفاع الحرارة
وكشفت محمود عن تضرر محصول العنب، خلال الموسم الحالي لتصادف ارتفاع درجات الحرارة بمرحلة التلوين، ما حرم النبتة من إتمام مرحلة التصبغ بالأصناف الملونة، مشيرة إلى انتشار عنب غير مكتمل التلوين في الأسواق، ما أدى إلى انخفاض جودة المحصول وتراجع سعره، وخصوصا في منطقه صعيد مصر، ما يقلل فرص زراعته جنوب البلاد نظرا لعدم جدوى أصناف العنب الملونة على الصعيد الاقتصادي.
ونبهت إلى اختفاء عروة الطماطم الصيفي لفشل النباتات في مقاومة ارتفاع درجات الحرارة، وانتشار الآفات وبالتحديد آفة «التوتا ابسليوتا»، وانخفاض جودة المحصول الناتج من هذه العروة.
الالتزام بمواعيد زراعة المحاصيل يقلل أضرار التغيرات المناخية
ولفتت إلى إصابة مساحات منزرعة بالقمح بالمن والأصداء بمختلف أنواعها ما أدى إلى انخفاض شديد في إنتاجية المحصول بنسب تخطت الـ40% في حالة الزراعة المتأخرة، مشددة على ضرورة الالتزام بمواعيد الزراعة الموصي بها من قبل وزارة الزراعة؛ لتقليل مخاطر التغيرات المناخية.
تحديد مواعيد الزراعة وفقا لتنبؤات الحرارة مستقبلا
وعن كيفية مواجهة التغيرات المناخية المقبلة والحفاظ على المحاصيل الزراعية وجودة إنتاجها، قدمت «الدكتورة منى محمود»، عددًا من الطرق أهمها تغير الكثير من الممارسات الزراعية، وضرورة إتباع الدورة الزراعية، وكذلك يجب علينا البحث والعلم بدرجات الحرارة المستقبلية من خلال هيئة الأرصاد؛ ليتم بناءً عليها تحديد مواعيد زراعة تُناسب هذا التغير والإعلان عن مواعيد الزراعة قبل الموسم؛ ليستعد المزارع، فضلًا عن الحرص على الزراعة في الوقت المناسب، إضافة لاستنباط أصناف جديدة من المحاصيل المنزرعة تقاوم الظروف الجوية القاسية، واتباع طرق المكافحة المتكاملة.
«أبو صدام»: الحر يؤخر إنتاج المحاصيل ويضعف جودة الثمار
وقال الحاج حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن تأثير التغيرات المناخية على المحاصيل الزراعية، نراه ملموسًا على أرض الواقع في ارتفاع درجات الحرارة، وسقوط الأزهار في بعض الخضراوات وقلة العائد والتفاف الأوراق ووقف نمو الشتلات، وبالتالي تأخر إنتاج المحصول وضعفه وعدم جودة الثمار في بعض الفواكه، مضيفا أن النتيجة خسائر كبيرة للمزارعين، مع تراجع الإنتاج في كثير من الأحيان وارتفاع الأسعار مع انخفاض المعروض.
ولفت إلى معاناة باكستان من السيول وأوروبا من الجفاف ما دفعهما للإقبال على استيراد محاصيل الزراعية مثل البصل والثوم من مصر، في خطوة ترتب عليها قلة المعروض في الأسواق وقفزات سعرية.
ارتفاع الحرارة يؤدي إلى انتشار الآفات والحشرات
وأوضح أن ارتفاع الحرارة يدفع المزارع إلى تكرار عملية الري، وما يتبعها من تكاليف مقابل الكهرباء أو السولار اللازم لتشغيل ماكينات الري، بخلاف انتشار الحشرات وزيادة أمراض النباتات، وهلاك المحصول كله في بعض الأحيان.
«سمعان»: 80% من سكان العالم عرضة لتلف محاصيلهم بسبب المناخ
ومن جانبه، قال الدكتور عبد المسيح سمعان، أستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس، إن التغيرات المناخية سواء الارتفاع في درجات الحرارة أو ارتفاع منسوب ثاني أكسيد الكربون في الجو يؤدي إلى تعلية منسوب المياه في البحار المالحة، ويتسبب في ظاهرة تمليح الأراضي الزراعية وبوارها، فضلًا عن الجفاف وانتشار الأمراض والأوبئة والآفات التي تؤثر على نمو النباتات.
الاحتباس الحراري يكلف العالم 300 مليار دولار سنويا
وقدر تكاليف التغيرات المناخية عالميا بأكثر من 300 مليار دولار سنويا، الأمر الذى يتطلب اضطلاع جميع الأطراف الدولية بمسئولياتها نحو التخفيف من حدة آثار التغيرات المناخية، محذرا من تداعياتها على الأمن الغذائي العالمي والمحلي.
تلف المحاصيل يهدد 80% من سكان العالم
وأكد أن 80% من سكان الدول عرضة لمخاطر تلف المحاصيل والجوع بسبب تغير المناخ، خاصة إفريقيا وجنوب الصحراء وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، حيث ترتفع معدلات الفقر والمعاناة بين الأسر، مشددًا على ضرورة أن تتجه كل دولة لزراعة ما يكفي احتياجاتها من المحاصيل الاستراتيجية دون اللجوء إلى الاستيراد.