“الدارك ويب”.. هجمات إلكترونية تدر مليارات وتحول الجريمة إلى صناعة عالمية

محمد ترك

تهديدات رقمية تتصاعد وأرباح بالمليارات

كشفت شركة Kaspersky المتخصصة في الأمن السيبراني، عن تصاعد خطير في حجم الجرائم الإلكترونية عالميًا، حيث تجاوزت أرباح هجمات برمجيات الفدية وحدها مليار دولار خلال عام 2023، فيما شهد العام نفسه تسريب 16 مليار كلمة مرور في واحدة من أكبر عمليات الاختراق في التاريخ الرقمي.

أدوات متطورة وخطر متزايد

وصرّح ماهر يموت، الباحث الأمني الرئيسي في الشركة، خلال لقاء تلفزيوني ، بأن الاختراقات الأخيرة تُدار باستخدام برمجيات خبيثة مثل “Infostellar”، التي تستهدف متصفحات الإنترنت وتقوم بسحب كلمات المرور وبطاقات الائتمان من أجهزة المستخدمين.

خطأ شائع يهدد الملايين

أكد يموت أن السبب الرئيسي في هذه الاختراقات هو تكرار استخدام نفس كلمات المرور عبر حسابات متعددة، مما يسهل اختراق المستخدمين وتحويل بياناتهم إلى أدوات للاحتيال وسرقة الهوية.

سرقة تبدأ من بريد إلكتروني واحد

سرد يموت واقعة لطَيّار تم اختراق بريده الإلكتروني، مما مكّن المهاجمين من الاحتيال على مستأجر وتحويل دفعة مالية إلى حساب وهمي. وأشار إلى أن البريد الإلكتروني غالبًا ما يحتوي على معلومات شخصية تتيح تنفيذ عمليات معقدة لسرقة الهوية وانتحال الشخصية.

الذكاء الاصطناعي يدخل ساحة الجريمة

حذّر الباحث من أن الذكاء الاصطناعي التوليدي بات يُستخدم في انتحال الهويات الصوتية والبصرية، موضحًا إمكانية استخدام صوت أحد أفراد العائلة، مثل الأم أو الأب، لخداع الضحايا وتحويل أموال بطرق احتيالية.

الويب المظلم: السوق الخفي للبيانات المسروقة

أوضح يموت أن البيانات المُخترقة يتم بيعها عبر الويب المظلم (Dark Web)، الذي يعمل كسوق موازٍ غير مرئي لمحركات البحث العادية، تُباع فيه كلمات المرور، البطاقات البنكية، والهويات الرقمية، إلى جانب البرمجيات الخبيثة.

برمجيات الفدية: صناعة إجرامية مربحة

بحسب بيانات Kaspersky، بلغت أرباح الهجمات عبر برمجيات الفدية أكثر من 1 مليار دولار خلال عام واحد. وتقوم هذه البرمجيات بتشفير ملفات الضحايا، مع طلب فدية لفك التشفير، في نموذج وصفه يموت بـ”جريمة منظمة قائمة على الشيفرة بدلاً من السلاح”.

دول تمتلك جيوشًا رقمية معلنة

كشف يموت أن بعض الدول باتت تمتلك وحدات عسكرية إلكترونية رسمية، مخصصة لشن وصد الهجمات السيبرانية، مؤكدًا أن الحرب الإلكترونية أصبحت جزءًا من استراتيجيات الدفاع والهجوم لدى بعض الحكومات.

الأخطاء البشرية.. السبب الأول للاختراق

أشار الباحث إلى أن ما يصل إلى 90% من الهجمات تبدأ بأخطاء بشرية، مثل فتح روابط خبيثة أو تحميل مرفقات غير موثوقة، مشددًا على أهمية التوعية واستخدام كلمات مرور قوية وفريدة.

هجمات سلاسل التوريد.. الفيروس من المصدر

أوضح يموت أن من أخطر أساليب الاختراق الحديثة ما يعرف بـهجمات سلاسل التوريد (Supply Chain Attacks)، والتي تستهدف مزوّد البرمجيات نفسه، مما يؤدي إلى إصابة آلاف الأجهزة تلقائيًا.

الوعي.. خط الدفاع الأول

رغم تعقيد التهديدات، أكد يموت أن رفع الوعي هو الوسيلة الأهم للحد من الجريمة الرقمية، مشددًا على ضرورة الاستثمار في الأمن السيبراني، وتعزيز الوعي المجتمعي بخطورة التساهل في حماية البيانات.