تحقيقات وحواراتحوادث

المصرية تخترق العالم السري لـ «تجارة الموت»

المخدرات في مصر.. إرهاب خبيث واقتصاد مظلم

10 ملايين مُدمن.. واستنزاف 140 مليار جنيه «سنوياً»

متعافون: احذروا «وهم السعادة» .. كاد يدمر حياتنا !!

ومدمن هدّد بذبح ابنه «إذا لم يحصل على مخدرات»

خبراء: الإدمان سُم قاتل ومُدمر للأسرة

المخدرات تدخل مصر من إسرائيل وليبيا والسودان

ونعيش عصر المخدرات الرقمية و«ديليفري» الكيف

محمد عبدالواحد الزيات

في عالم، بات يعيش عصر «عولمة الحروب»، إذا أرادت دولة عزو أخرى، فإنها لم تعد في حاجة لاحتلالها عسكرياً بجيوشها وعتادها واقتصادها، بل يكفي أن تُغرقها بسلاح المخدرات الفتاك الذي يُعد بمثابة مناجل موت طائشة ومُتعطشة لحصد الأرواح وتحطيم المجتمعات وزلزلة الاقتصادات وإدماء القلوب، مُعبأة في حقن وأقراص وأشكال عديدة، ومُجسدة إحدى أبشع وأخطر الظواهر التي يعيشها العالم، بالنظر إلى آثارها الصحية والنفسية والاجتماعية المُدمرة لصحة وعقول الشعوب، واضمحلال مقدراتها وضياع مستقبلها.

ووسط نظام عالمي يمور بالاضطراب، تصاعدت تجارة الموت المخدراتية لتفوق الـ 500 مليار دولار سنوياً، باستشراء مُفزع يجعلها إرهاب صامت واقتصاد أسود يقترب من معادلة تجارة السلاح التي تبلغ عالمياً نحو 550 مليار دولار، ما أدى لوجود أكثر من 284 مليون متعاطٍ في العالم، يعادلون نحو 5.6% من سكان الكرة الأرضية، وبينهم أكثر من 8 ملايين مُدمن يحملون فيروسات فتاكة كالإيدز والالتهاب الكبدي، بينما يقتل الإدمان أكثر من200 ألف متعاط سنوياً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

لذلك.. ففي هذا الملف تخترق «المصرية» العالم السري لـ المخدرات في مصر، للوقوف على أسباب الإدمان وأخطر آثاره الصحية والنفسية والاجتماعية على المجتمع المصري، مع الالتقاء بضحايا سقطوا في براثن هذا الوحش القاتل، واستطلاع آراء الخبراء والمختصين حول هذه الظاهرة.

القاهرة والهروين.. الأعلى

تعد مصر، إحدى أكبر الدول في العالم، والتي تتمتع بموقع استراتيجي، وعامل استهلاكي مرتفع قياساً بعدد السكان الذي يصل إلى 110 مليون نسمة، لذلك فهي أيضاً إحدى أكثر الدولة المستهدفة بحروب المخدرات التي تدمر وتحرق وتجرف، إذ يبلغ عدد المدمنين في البلاد، أكثر من 10 ملايين مدمن، بحسب رئيس لجنة التضامن بمجلس الشعب الدكتور عبدالهادي القصبي، ونقلاً عن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان .

مواد مخدرة
المخدرات في مصرإرهاب خبيث واقتصاد مظلم

وتشير الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية، إلى ضبط 93.997 ألف قضية جلب وترويج وتعاطي مواد مخدرة في عام 2022م، مع ضبط أطنان من المواد المخدرة، بينها: «347 طنا من مخدر البانغو، و28.7 طناً من مخدر الحشيش، و3.4 أطنان من الهيروين، و847 كيلوغراما من الأستروكس، و23 مليونا و71 ألف قرص مخدر».

المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم
المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم

فيما كشف تقرير لوزارة التضامن الاجتماعي، عن المحافظات الأعلى من حيث إدمان المخدرات، إذ تصدرت العاصمة القاهرة، القائمة بنسبة 33.68%، تلتها الجيزة بنسبة 12.33%، ثم الإسكندرية بنسبة 9.22%. وأوضح «التقرير» أن مُخدر «الهيروين» كان من أكثر مواد التعاطي بنسبة 32.15%، يليه «الحشيش» بنسبة 31.90%، ثم «الترامادول» بنسبة 18.45%، فيما حلت المخدرات التخليقية كـ«الاستروكس، والشابو، والبودر، والفودو» رابعاً، بنسبة 17%”.

وجاء العامل الأخطر فيما يتعلق بنسب الإدمان في مصر، أن التعاطي يبدأ في سن مُبكرة، إذ أشار التقرير الحكومي إلى أن نحو 39.87% من المدمنين، بدأوا التعاطي من سن 15 سنة حتى 20 سنة. بما يشير إلى إقدام مُروجي المخدرات على استهداف هذه الفئة العمرية التي تشكل العمود الفقري للمجتمع المصري، من أجل الزج بهم في براثن الإدمان وجحيم المخدرات.

أسباب الإدمان

في الوقت الذي تشعر خلاله المجتمعات بالقوة، حين تُعمر أو تطور من واقعها أو حتى تصل إلى الفضاء، تأتي لحظة ما تخور فيها هذه القوى مع تحرّر قوى فوضى ممثلة بـ «المخدرات» التي تنتشر في الظل لتسوق المجتمعات إلى الاضمحلال، فالوقوع في هذا الجحيم تدفعه العديد من الأسباب: من الناحية الأسرية يتشكل خطر التعاطي من «إدمان أحد الوالدين، والتفكك الأسري، وإهمال تربية الأبناء».

أما بيئياً، فتتسلل آفة المخدرات لضحاياها عبر: «خطر أصدقاء السوء، والفراغ، والسفر إلى الخارج دون رقابة»، بينما تتهيأ أسباب أخرى للإدمان في: «ضعف الوازع الديني، واضطرابات الشخصية، وحب الاستطلاع».

 

وفي هذا السياق، التقت المصرية بـ خبير العلاج النفسي والإدمان وأستاذ الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية الدكتور جمال فرويز، الذي أكد أن الإدمان يعد مؤثراً سلبياً على الأسرة المصرية، موضحاً أن الأسرة التي يوجد بها مُدن، فهي تتأثر بشكل سلبي سواء مدياً أو نفسياً أو اجتماعياً.

ودعا «فرويز»، إلى ضرورة أن تلتزم الأسرة بالحفاظ على أبنائها واحتوائهم، مشددً على أنه في حالة ظهور أي أعراض إدمان على أي فرد بالأسرة، فيجب اتخاذ قرار علاجه بشكل فوري، موضحاً أن أعراض الإدمان كثيرة منها: «الكذب والتبريرات الغير منطقية، والإهمال الدراسي، واختفاء عدد من الأجهزة من المنزل».

المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم
المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم

وحول مرض الإدمان، قال خبير العلاج النفسي: “إن الإدمان هو مرض، والدخول فيه برغبتك، أما العلاج منه ليس برغبة الشخص، وهو مرض مُزمن ومُرتد، وقد يكون مرض قاتل، فمن الممكن أن يموت الشخص بسبب جرعة مخدرات، كما ظهر الأن الإدمان الإلكتروني في السنوات الأخيرة”.

وأضاف: ” لا توجد إحصائية مُحددة للمُدمنين بالمواد المخدرة، بسبب أن 80% من المصحات غير مرخصة، وأن بعض الأسر لا تريد الإفصاح عن مرض أو إدمان أبنائهم بسبب مراكزهم الاجتماعية”.

وتابع: “الحل الوحيد للقضاء على المخدرات في مصر، هو الإعدام، فيجب التعامل مع هذه القضايا في المحاكم العسكرية، ويتم إعدام الجالب والبائع، لأنه بنسبة 90% من قضايا المخدرات تأخذ براءة بسبب اللعب في الأوراق وحرز المخدرات”.

موت بطيء

قد يرى البعض إن الجوائح العالمية الفتاكة على غرار جائحة فيروس كورونا وسابقاتها، ليس لها مثيل في قتل البشر، وبالتأكيد إنها كذلك، ولكنها تنتهي بانتهاء مُسبباتها، وتعطي عالمنا دروساً لكي لا تتكرر، أما جحيم المخدرات، فهو سلاح فتاك وبلا نهاية يتقمص مجريات كل عصر، فما إن تقع الضحية في شباكه حتى تتبدأ أعراض «الموت البطيء»!

تبدأ الأعراض بـ«احمرار في العينين، وإحاطتهما بهالات سوداء، وبدء الرجفة وفقدان الوزن واضطرابات النوم والشخصية»، ومع مرور الوقت يتحول المُدمن إلى جسد مضطرب بلا روح؛ فسرعان ما تبدأ مضاعفات خطيرة كـ «العُزلة والتدني في الأداء المعرفي والوظيفي، والشعور باللامبالاة، وفقدان التفكير الصحيح، ثم توفير دوافع العنف والطلاق والجريمة للحصول على المال أو مقاومة المحيط الأسري».

 

ويواصل وحش الإدمان افتراس ضحاياه، بضرب جهاز المناعة بالأمراض الفيروسية والجنسية، فضلا ًعن الاضطرابات الهرمونية مثل: «العقم، وضعف الإخصاب»، والإصابة بـ الأمراض الجنسية، والأمراض الفيروسية كالتهاب الكبد الفيروسي، لذلك تعد المخدرات من أبشع المخاطر التي يعيشها العالم إذ تنتشر كالنار في الهشم بآثارها المدمرة لصحة الشعوب وعقولها واقتصاداتها.

أهوال مرعبة

داخل عالم المخدرات قصص مرعبة بعضها بدأت بـ«وهم السعادة» الذي يروج له تجار الموت، ثم انتهت بالضحايا بأن بلغ السوء ببعضهم أن دفهم وحش الإدمان ومواده الشيطانية إلى حقن أنفسهم بدماء متعاطين آخرين حال تعذر الحصول على جرعة مخدرات، ما أحال أجسادهم إلى بقايا بشر ينتظرون الموت.

“حياتي كانت جحيم ومُدمرة تماماً، تتجه بي نحو مستقبل مجهول، وسط معاناة شاملة مع نفسي ومع عائلتي ومع كل من حولي، ودائماً ما كنت أخشى نهاية مأساوية”، هكذا عبر محمد.ع.م أحد الناحين من الإدمان عن قصته مع المخدرات، موضحاً أن مأساته السابقة بدأت بكلمات خبيثة من صديق له يدعي أن المخدرات تجعل متعاطيها سعيدأ.

وأضاف محمد، في حديثة لـ «المصرية»: “حياتي كانت مستقرة منذ التحاقي بكلية التجارة، وعملي بوظيفة «كاشير» بأحد المطاعم من أجل تزويد دخلي أثناء الإجازات الدراسية، قبل أن تتحول إلى مأساة بعد وقوعي في تعاطي المخدرات التي جعلتني أنفق عليها كل ما أملك، ولم أعد قادرا على الالتفات لدراستي أو التركيز فيها، حتى تعرضت للرسوب لعامين مختلفين بالجامعة.

وتابع: “بعدما تعددت أزماتي الصحية والنفسية والعائلية، اضطرت عائلتي للتوجه بي إلى أحد مراكز علاج الإدمان، فعلى الرغم من أنني كنت أعتقد العلاج مستحيلاً، لكني أحمد الله على أنني تعالجت من هذا الكابوس الذي كاد ينهي حياتي ويدفعني للانحراف، حيث شعرت بعدها أنني ولدت من جديد بعدما تخلصت من سم كان يجري في دمي».

المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم
المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم

ومحمد، يعد واحداً من بين الملايين من الشباب الذين سقطوا في مستنقع المخدرات في تجارة موت تقدر بمليارات الجنيهات، إذ سبق أن صرح الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الاحتفال بعيد الشرطة الـ71 لعام 2023م، بأن وزارة الداخلية قد ضبطت مواد مخدرة تقدر قيمتها بـ 8 مليارات جنيه خلال عام 2022م.

وتتواصل قصص مآسي المخدرات بين الشباب، إذ قال عبدالرحمن.ح.أ، لـ«المصرية»: “إن المخدرات قد قتلت شقيقي الأصغر وهو بعمر الـ30 عاماً، تاركاً طفليه وأرملته، بعد رحلة عذاب وألم كادت تدمر الأسرة بأكملها».

وحول فصول هذه القصة المأساوية، يضيف «عبدالرحمن»: ” كان شقيقي س.ح.أ، يعمل سائقاً، وبدأت قصته مع المخدرات بتعاطيه سجائر مخلوطة بمخدر الحشيش عن طريق أصدقاء السوء، ثم سرعان ما اكتشفنا تناوله لمخدر معروف بـ الاستروكس، ورغم محاولاتنا العديدة لإثنائه، إلا أنه كان يواصل التعاطي، حتى بلغ به الأمر إلى أنه أمسك بسكين ووضعها على رقبة أحد أبنائه مهدداً بذبحه إذا لم نعطيه أموالاً ليشتري بها السموم المخدرة».

وأضاف: “على الرغم من طيبة قلب أخي، إلا أن المخدرات قد حولته إلى وحش وعبد لها، ففي مرات عديدة كان يضطر لسرقة أشياء كثيرة من بيت الأسرة من أجل شراء المخدرات، لدرجة أنه قد سرق ماتور المياه الرئيسي للمنزل، وتواصلت مآسيه حتى تناول جرعات مكثفة أدخلته في غيبوبة، حيث ظل راقداً بالمستشفى إلى أن مات تاركا ابنيه وزوجته في مأساة لا يمكن وصفها”.

إرهاب خبيث

تؤمن مصر، بأن شعبها هو ثروتها الحقيقية، لذلك تستهدف غالبية برامج الحكومة بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، بناء أمة قوية ومنتجة تتمتع بجودة الحياة من خلال العمل على تمكين حياة عامرة ومساع إرساء أفضل منظومة اجتماعية وصحية ممكّنة، لكن هذه الجهود تصطدم بتحدي المخدرات الذي أدخل الدولة المصرية في حرب وجودية معها من خلال ملاحقة المروّجين والمهرّبين والمدمنين عبر حدود الدولة البرية والبحرية والجوية من أجل حفظ حيوية المجتمع وضرورياته الخمس: «الدين – النفس – العقل – العرض – المال».

ويعي صانع القرار المصري، أنه حين يغيب العقل بسبب المخدرات، يضيع كل شيء، ويتجرد جيل كامل بكل جنس وعمر وطبقة اجتماعية من المؤهلات التعليمية، وتتفك الأسر، ويضمحل رأس المال الاجتماعي، ويستشري الفساد، لذلك يشكل المدمنون في مصر، هاجساً أمنياً خطيراً إذ يسوقهم الإدمان للوقوع في جرائم الاختطاف والابتزاز والقتل وقضايا غسيل الأموال وشبكات الإرهاب.

المخدرات في مصرإرهاب خبيث واقتصاد مظلم
المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم

وفي هذا السياق، التقت المصرية بـ اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، الذي قال: “إن مصر، ليست دولة مُنتجة للمواد المخدرة ولكنا دولة مُستهلكة، فالدول المنتجة يوجد بها عنابر كبيرة للمخدرات، مثل: لبنان والمغرب وتركيا، كما يوجد بعض الدول اقتصاداتها تقوم على المواد المخدرة مثل أفغانستان وباكستان، بينما مصر دولة عابرة للحدود، ويتم عبور عصابات المخدرات بالعبور من خلال مصر لبعض الدول”.

وحول جهود وزارة الداخلية في مكافحة المخدرات، أشار «نور الدين»، إلى أن أكثر المحافظات التي تنشط فيها تجارة مخدرات هي: الشرقية وسيناء، بسبب مساحة أراضيها الصحراوية الشاسعة، حيث أصبح هناك طرق ترويج جديدة مثل «الديلر» وبيع المخدرات «دليفري»، مؤكداً أن وزارة الداخلية تقوم مكافحة المخدرات بدور كبير في هاتين المحافظتين.

وأوضح أن إسرائيل وليبيا والسودان، هم أكثر الدول التي تأتي من المخدرات إلى مصر، محذراً من وجود عصابات دولية تريد تدمير الشباب المصري من خلال المواد المخدرة.

وأكد «نور الدين»، أن جهود وزارة الداخلية وأقسامها في جميع المحافظات، استطاعت القضاء على أخطر البؤر المخدراتية، مثل: «البطنية، والجعافرة، وكوم السمنة»، وغيرها من البؤر الكبرى.

اقتصاد أسود

تتسبب المخدرات، في إحداث كوارث تعصف بخطط التنمية، وتفتح ثقوب سوداء تبتلع مستهدفات مصر في تحقيق «الاقتصاد المزدهر»، إذا تشير دراسة أجراها المعهد العربي الأوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية، إلى أن المصريين ينفقون نحو 140 مليار جنيه سنوياً على المخدرات بمختلف أنواعها، أي ما يفوق مدخولات قناة السويس، لذا فتعد هذه المواد الشيطانية بمثابة حرب سوداء ضد الاقتصاد.

وتتعدد نتائج المخدرات على الجانب الاقتصادي، ومنها: «تدني مستوى الدخل للفرد والأسرة، وانتشار الفقر والحاجة وترك العمل، وفتح الأبواب لمخالفة الأنظمة وانتشار الجريمة كالعنف والسرقة والنهب والتزوير، ووصولا للقتل بغرض الحصول على المال لشراء المخدرات»، كما تؤدي المخدرات إلى «ضعف الإنتاجية في المجتمع، وهجرة العملة الصعبة دون عوائد أو فائدة، ونقص إيرادات الخزانة العامة من الرسوم والضرائب»، ومن ثم فإنها مسؤولة عن الكساد والفوضى بالمجتمع.

المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم
المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم

وتقمص مروجو الموت مجريات العصر، بالتوجه إلى أسواق الترويج الرقمية باستغلال العولمة وانتشار شبكة الإنترنت واختراق العالم الافتراضي سواءً في طلب المخدرات أو تسهيل إنتاجها، أو بيعها، فضلا عن إغراء الضحايا بتحقيق هوامش ربح هائلة، ففي كولومبيا يُباع الكوكايين بـ 1500 دولار للكيلوجرام بينما يروج دولياً بأكثر من 66 ألف دولار، وفي باكستان يُباع الهيروين بـ 2600 دولار للكيلوجرام بينما يُروج دولياً بأكثر من 130 ألف دولار.

وأصبح الإنترنت أرضا خصبة لتعلم طرق زراعة أو تصنيع المواد المخدرة، وكذلك نشر طرق إخفاء وتهريب المخدرات، بجانب توفير اتصالات إلكترونية مخفية بين المهربين، بابتكار شيفرات للتواصل الإلكتروني واقتحام عالم الويب المظلم، وتوجيه المتعاطين لأوكار بيع المخدرات حول العالم، مما شكل حاضنة لرواج آفة المخدرات

جهود مكافحاتية

تخوض الدولة المصرية جهوداً واسعة للانتصار في معركة حفظ المجتمع من خطر المخدرات بأنواعها المختلفة سواء: «المنشطات، والمهلوسات، والمواد الأفيونية، والمهدئات، والقنب ومشتقاته، والمخدرات المستنشقة، والمخدرات الانفصامية»، بجانب علاج من وقعوا في براثن الإدمان، وإيجاد وعي أسري اجتماعي وصحي لدى النشء والشباب والفتيات بأضرار المخدرات، فضلاً عن تعزيز مشاركة المواطنين في الأنشطة التعليمية والثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية.

وفي سياق البرامج الوقائية، يأتي صندوق مكافحة وعلاج الإدمان مدعوماً بـ 31 ألف متطوع، وبعدد زيارات توعوية منزلية بلغ 130 ألف منزل، و واستهدفت أكثر من 44 ألف أسرة خلال عام 2021.، حيث قدمت الحكومة العلاج بالمجان لـ 6 آلاف مريض إدمان، فيما جرى تخصيص الخط الساخن «16023» وتشغيل 5 عيادات لاستقبال طالبي الخدمات العلاجية.

وأطلقت الحكومة، أطلقت مصر مبادرة «أنتَ أقوى من المخدرات»، بمشاركة نماذج مشاهير ونماذج رياضية وفنية، حيث جرى تنفيذها على 7 مراحل؛ لتسهم في زيادة أعداد المتصلين بالخط الساخن لعلاج الإدمان بنسبة بلغت 400 %.

كما أطلقت الحكومة، مبادرة «قرية بلا إدمان»، متضمنة 18 محافظة منذ إطلاقها وحتى الآن، من أجل توعية أبناء الريف ضد آفة المخدرات، وتعزيز سبل الاكتشاف المبكر لحالات الإدمان، والتوجيه نحو طرق العلاج. فيما جرى إطلاق مبادرة «قرارك»، لتوعية العاملين بالمصالح الحكومية ضد خطر المخدرات، حيث وصلت الحملة إلى أكثر من 500 ألف موظف حكومي.

وحول جهود علاج مرضى الإدمان، كشف تقرير صادر عن وزارة التضامن الاجتماعي، عن تقديم الخدمات العلاجية مجانًا لـ 813.1 ألف مريض إدمان في سرية تامة خلال السنوات الـ7 الماضية، مشيراً إلى رفع عدد مراكز علاج وتأهيل مرضى الإدمان بنسبة 133.3%، لتبلغ لـ 28 مركزاً عام 2021 بعدما كانت 12 مركزاً عام 2014م، ما خفض من نسبة تعاطي المواد المخدرة لـ 5.9%، عام 2021 مقارنة بــ 10.2% في عام 2014م.

المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم
المخدرات في مصر إرهاب خبيث واقتصاد مظلم

وعلى صعيد وقاية موظفي الدولة، أصدرت الحكومة، عام 2021م، قانوناً بفصل الموظف الذي يثبت تعاطيه المخدرات، مع استثناء الموظف الذي يتقدم طواعية للعلاج، حيث جرى فحص أكثر من 627 ألف موظف بالجهاز الإداري للدولة، ليتم فصل نحو 1000 موظف بعد ثبوت تعاطيهم للمخدرات، فيما تقدم طواعية نحو 17 ألف موظف للعلاج من المخدرات، عبر الخط الساخن، ما أدى إلى خفض نسبة التعاطي بين الموظفين من 8% عام 2019م، إلى 0.7% مع مطلع عام 2023م، وفقاً لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان.

وتواصل الحكومة، معركتها ضد المخدرات، من أجل صحة وسلامة المجتمع المصري بحكمة رجاله وهمة شبابه، وبالأصالة والثقافة والإبداع، وبعطاء وتضحيات وإنجازات، من أجل أن تبقى رايته راسخة ترفرف إلى الأبد.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى