تحقيقات وحوارات

تأثير ظاهرة “الغليان العالمي” على كهرباء دول العالم.. وكيف واجهتها مصر؟

محمد محمد الدسوقي وعزة قناوي وعلا عوض

واجهت عشرات من دول العالم أزمة في إمدادات الكهرباء مع اشتداد حرارة الصيف، ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش للتصريح بأن عصر الاحتباس الحراري انتهى ليبدأ عصر الغليان العالمي.

 

 

نريد عبر هذا الملف أن نصحب القاريء في جولة على بعض بلدان العالم الغربي والعربي، الغنية والفقيرة، لا لنبرر، وإنما لنعرف ونقف على حقيقة هذه الأزمة العالمية والتي لعب المناخ وهو عامل طبيعي محال السيطرة عليه، دور عظيم في هذه الأزمة.

البداية مصر

الانخفاض النسبي لإنتاج حقل ظهر أدى إلى انقطاع التيار، وأعلنت وزارة الكهرباء جدول تخفيف أحمال الكهرباء، لترشيد الاستهلاك، بعموم محافظات الجمهورية، بعد أزمة تراجع إنتاج الغاز بالحقل مقارنة بذروة 3 سنوات من 7.193 مليار قدم مكعبة في سبتمبر 2021 إلى 5.841 مليار قدم مكعبة مايو 2023.

ويقدر متوسط إنتاج الحقل، الذي يشكّل 40% من إنتاج الغاز محليًا، بحوالي 2.3 مليار قدم مكعبة يوميًا، في حين تسعى وزارة البترول لجذب الاستثمارات لتنمية إنتاجه تصل إلى 15 مليار دولار في غضون 3 سنوات.

ورغم قدرة محطات الكهرباء على الوفاء بالاستهلاك، إلا أن الإمدادات التي تصل من وزارة البترول، تكفي لإنتاج 32 ألف ميجاوات، في حين يتجاوز معدل الاستهلاك في الصيف متوسط 35 ألف ميجاوات.

 

أزمة أحمال الكهرباء ضربت ولايات أمريكية

بالتزامن مع اشتداد موجة الحر، بدأت أجزاء من شبكة الكهرباء الأمريكية تشهد انقطاعات، حيث حثت السلطات في ولاية كاليفورنيا، المواطنين على الحد من استخدام مكيفات الهواء وضبطها على درجة بين 25 و26 درجة مئوية، لتجنب انقطاع الكهرباء المحتمل، بعدما شهدت لاس فيجاس بولاية نيفادا أعطال بالشبكة.

صيف مظلم يمتد من تونس إلى العراق

عانى التونسيون من انقطاعات طويلة للتيار الكهربائي، وسط ارتفاع للحرارة تجاوز الـ10 درجات، ما اضطر عائلات للنوم على الشواطئ.

وتكدست وسائل التواصل الاجتماعي في تونس بالتذمر من وطأة موجة الحر التي تعصف بالبلاد وشبهوا تونس بـ “كانون” تدفئة، بينما عجزت الحكومة عن الوفاء بتعهداتها بحل أزمة انقطاع الكهرباء باللجوء إلى مصادر الطاقة البديلة.

وتكرر المشهد في العراق، مع توقف إمدادات الغاز الإيرانية بسبب تأخر سداد المستحقات جراء العقوبات الأمريكية على نظام طهران.

واضطر البلد الغني بالنفط إلى السعي نحو تطوير خيارات الطاقة النظيفة لإنتاج الكهرباء، لتغطية العجز في الإنتاج البالغ 26 ألف ميجاواط من الكهرباء، رغم احتياج البلاد لقرابة 35 ألفا، لتأمين الطاقة الكهربائية على مدار الساعة.

اتجاه عالمي للطاقة البديلة للتغلب على أسعار الوقود التقليدي

بدأت عدة دول مبكرًا في تشييد قطاع متين للطاقة المتجددة، للتغلب على أزمة تقلب أسعار الوقود الأحفوري، وخفض الانبعاثات الكربونية.

ووصل إنتاج الصين من الطاقة الشميسة إلى 254 ألف ميجا في 2021 بنسبة إنتاج 35.6% من المتاح عالميا، تبعتها الولايات المتحدة بـ75.6 ألف ميجا واط بما يعادل 10.6% من إنتاج العالم، في حين بلغ إنتاج اليابان 67 ألف ميجا وات بنسبة 9.4%.

كما تصدرت الصين العالم في إنتاج الكهرباء من الطاقة البديلة عموما بمعدل 1,398,207 جيجاواط ساعة، وحلت الولايات المتحدة ثانيا بـ572,409 جيجاواط ساعة، وجاءت البرازيل ثالثا بإنتاج بلغ 426,638 جيجاواط ساعة، وكندا في المركز الرابع بما يعادل 418,679 جيجاواط ساعة، والهند بنحو 195,242 جيجاواط ساعة.

السعودية تقود ثورة بإنتاج الطاقة الشمسية

دخلت السعودية بقوة في قطاع الطاقة الشمسية، رغم إنتاجها النفطي الذي يتجاوز حاليًا 9.9 مليون برميل بظل الخفض التطوعي للإنتاج، حيث وقع صندوق التنمية الصناعية السعودي اتفاقية بالرياض مع شركة مصدر الطاقة البديلة «مصدر»، لإنشاء مصنع ألواح للطاقة الشمسية في المدينة الصناعية الثالثة في مدينة الدمام شرق المملكة، باستثمارات 100 مليون ريال.

 

وتخطط السعودية لرفع مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، عبر إنتاج 60 جيجاواط بحلول 2030، منها 40 جيجاواط من الطاقة الشمسية، إضافة لتوطين 5 مكونات رئيسية لطاقة الرياح، و3 مكونات رئيسية للطاقة الشمسية، تشمل الألواح الشمسية والأبراج وتجميع حاوية المحرك، ومحولات التيار وشفرات الدوار.

 

وتترقب المملكة افتتاح أكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقدرة إنتاجية تبلغ 2060 ميجاواط، في منطقة مكة المكرمة، بقيمة استثمارية بلغت 1.75 مليار دولار.

محاولات عربية للحاق بالطفرة العالمية في الطاقة المتجددة

 

خطت مصر بشكل متسارع للتوسع في إنتاج الطاقة من مصادر متجددة، حيث تعد محطة بنبان أحد أكبر المحطات في إفريقيا والشرق الأوسط والرابعة عالميًا بقدرة 1465 ميجاوات.

وتصدرت مصر بعد دولة الإمارات قائمة الدول العربية الأكثر إنتاجًا للكهرباء من الطاقة الشمسية، بإجمالي قدرات 1828 ميجاوات، بتأسيس محطات نبق وشنايدر في شرم الشيخ، وكوم أمبو العاملة بالخلايا الفوتوفلطية بقدرة 26 ميجاوات، إضافة لمحطة الكريمات بقدرة 140 ميجا وات، والزعفرانة بإنتاج بلغ 50 ميجاوات.

وتأتي الإمارات بالمركز الأول في إنتاج الطاقة الشمسية بإجمالي 2900 ميجاوات، ومصر 1828 ميجاوات، والأردن 1100 ميجاوات، وقطر 800 ميجاوات، والمغرب 740 ميجاوات، وسلطنة عمان بمتوسط 730 ميجاوات، والجزائر 455 ميجاوات، والسعودية 426 ميجاوات.

 

محطة الضبعة.. مخرج مصر النووي من أزمة الكهرباء

تمضي الحكومة في مشروع محطة الضبعة النووية، لدخول القاهرة قائمة الدول المنتجة للكهرباء من الطاقة النووية قبل حلول 2030، بالتعاون مع روساتوم الروسية، إذ أعلنت شركة “ترانسماش هولدينغ” الروسية، توليها مهام توريد محركات المحطة النووية.

وأعلنت روساتوم مايو الماضي، بدء أعمال بناء وحدة الطاقة الثالثة في محطة الضبعة النووية بمصر، بعد موافقة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في مصر على بناء الوحدة قبلها بشهرين.

 

ويتوقع دخول المفاعلات النووية الـ4 إلى الخدمة بكامل قدراتها في عامي 2028 و2029، بمشروع تصل تكلفته إلى 25 مليار دولار بموجب تسهيلات ائتمانية روسية، بقدرة إجمالية 4800 ميجاوات من الكهرباء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

فضلا ادعمنا لكى نستمر من خلال تعطيل حاجب الإعلانات