أخبار مصرية

«ثقافة الرصيف»..قنبلة موقوتة تهدد عقول النشء

سامية خضر: حرب الأفكار والثقافات تنال من المجتمع وتتمحور بسلاسة صعب علاجها

 

عرف عن الثقافة أنها هي ذلك المجموع الكلي للأفكار المكتسبة والذي يشتمل على المعرفة والعقائد والفنون والقيم، والعادات التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع .

وللثقافة مصادر عدة يمكنك الحصول عليها من خلالها، وأبرزها “قراءة الكتب” وهو الجزء الأبرز الذي سنتناول مناقشته في هذا التحقيق.

فالقراءة تعد من أكثر مصادر الثقافة انتشارًا عبر التاريخ، فالكتب والمراجع العلمية والأدبية متاحة بكل مكان حولنا ويستطيع القارئ الاطلاع على كل أنواع الكتب مما تتضمنه من حقائق وأفكار ومفاهيم وهو ما يسهم بشكل كبير في تشكيل ثقافة الفرد وبعض القناعات.

وفي الآونة الأخيرة بدأت ظاهرة شديدة الخطورة تظهر في الأرجاء، كتب وكُتيبات مجهولة المصدر، منها النوع الديني وبعضها الأخر يحمل عناوين علمية وأدبية ليس لها مصدر ولم تخضع لرقابة ما.

«ثقافة الرصيف»..قنبلة موقوتة تهدد عقول النشء
«ثقافة الرصيف»..قنبلة موقوتة تهدد عقول النشء

تلك الكتب تباع على الأرصفة دون رقيب، بعدما تمت كتابتها من قِبل أفراد غير مؤهلين، ثم طباعتها دون موافقة أو مراجعة من مختصين.

تلك المطبوعات يتم بث فيها من السموم والأفكار ما يكفي للفتك بعقلية الشباب والناشئين، وبدلًا من أن تكون الكتب هي منبر الثقافة وبوابة العبور إلى العلم، تتحول بين طيات تلك المطبوعات إلى هاوية نحو الانحراف والتطرف.

الأمية الثقافية و حرية التعبير

ولكي يكون حديثنا في إطار منهجي صحيح، طلبنا أخذ الرأي من أهل العلم، وفي هذا الصدد أعربت الدكتورة سامية علي خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، عن استيائها قائلة: “مما لا شك أن للدولة بها نسبة عالية من الشباب يعانون من الأمية الثقافية، وخاصة بعدما أنخفض دور الإعلام على الشاشات فلم يعد بعمق ما كان عليه فيما قبل، حيث كانت القناة الأولى أساسية، والقناة الثانية تعلق في العاشرة مساءً وكذلك الثالثة، بينما كانت حتى المسلسلات والأفلام دومًا ما تكون هادفة تحس على التوعية ومطابقة ومسايرة للتقاليد والعادات.

لقد كان يوجد في الماضي ما يسمى “مقص الرقيب” يعمل على الفور إذا كان هناك خروج على القواعد أو كلمة غير لائقة أو حركة لا تساير المجتمع.

أما الآن أصبحت حرية التعبير مفتوحة وغير مقيدة بكل منافذ التواصل سواء أدبية أو فنية، لكن في ذلك خطر إن لم يتم تحجيم وتسيير هذه الحرية في طريقها الصحيح، وعلى وزارة الثقافة الانتباه لكل ما هو دخيل وكل حرف يتم طرحه ليقدم كأفكار وقناعات وكل تلك الأمور، كما يجب دعم المواهب ووهبهم الفرص الحقيقية مشددين على دور الرقابة ودور النشر والطباعة ومراقبة كل ما يتم طباعته قبل طرحه للجمهور بشكل قانوني”.

الدكتورة سامية علي خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس
الدكتورة سامية علي خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس

كما أضافت دكتورة سميرة خضر مؤكدة إن مصر من الدول التي يحاول عديد من الأعداء استنزافها عن طريق ضخ وإشاعة الكثير من الافكار التي تُخرب وتدمر العادات والتقاليد.

إن الحرب ليست فقط حرب أسلحة وذخيرة بل أيضًا عن طريق بث عقائد وأفكار هدامة، خاصة للمراهقين والمراهقات”.

واختتمت د.سامية حديثها قائلة:” نشكركم على طرح هذا الموضوع وهذه الملاحظات، وعلى جميع الأجهزة أن تصحو وتكون أكثر يقظة، ويتحد كل من وزارة التربية والتعليم مع الأزهر الشريف والكنيسة فإن حرب الأفكار والثقافات تنال من المجتمع، وتتمحور بسلاسة من الصعب علاجه، وأتمني من المسؤولين تشجيع الكُتاب والشعراء ذوى المواهب الحقيقية، ونبدأ نحن قبل أن تهاجمنا زلازل الثقافات الهدامة تقتلع عاداتنا وتقاليدنا الراسخة وأشكركم جدًا.

مبادئ وأفكار مغلوطة

كما أضافت الكاتبة نيللي العطار قائلة: “رأيي ككاتبة إن عدم تحري الدقة في طرح المعلومات التي يتم جمعها في مطبوعات باختلاف تصنيفاتها سواء كانت طبية أو دينية أو أدبية، يشكل خطرًا كبيرًا على عقول القراء من الشباب والأطفال، فقد يطرح ذلك الكاتب المجهول موضوع شائك دون رقابة أو مراجعة مصادر المعلومات وحقيقة صحتها من عدمه، أو الأخذ بآراء غير موثوقة، فبالتالي يترسخ في ذهن القارئ مبادئ وأفكار مغلوطة يُبنى عليها حياة كاملة خاطئة لذلك الكلمة أمانة، وأداة بناء وقد تتحول لأداة هدم.

الكتب الغير مرخصة والمجهولة المصدر
الكتب الغير مرخصة والمجهولة المصدر

كما أنني كأم أخاف كثيراً أن يقع بين يديّ أولادي كتاب أو رواية مجهولة المصدر تقدم مثل هذه السموم، لذلك أشارك معهم اهتماماتهم وأساعدهم في اختيار الكُتاب الموثوق بهم وأناقشهم في المعلومات التي تصل إليهم وأصححها لهم إذا كانت خاطئة، ولذلك فللأسرة دور كبير أيضًا على مراقبة ما يصل لعقول أبنائهم.

دس السم في العسل

وشاركت الكاتبة مروة نصار برأيها قائلة:”مصطلح ثقافة الرصيف اسم رنان يوحي بالبهجة والإحساس بأن الثقافة ممتدة في كل مكان حتى على الأرصفة، ولكنها على العكس تمامًا، فهنا وعلى تلك الأرصفة يتم دس السم في العسل، لا أستطيع التعميم مؤكدًا فهناك بعض البائعين المعروفين ولهم أسماءهم ولهم تاريخ في بيع الكتب وثقافة يمتازون بها وحدهم، تمكنهم من سير اغوارك واقناعك بمؤلفين عن الآخرين .

ولكن مثلما يحدث بكل مهنة من الدخلاء عليها، حدث أيضًا لهم حينما أندس بينهم مَن هو دخيل على المهنة لا يعلم الفرق بين كتب الأدب وكتب الطهي، فقط كل ما يهمه هو ترويج كل ما تطاله يديه، وهنا تكمن الكارثة..

الكارثة التي تقلقني ككاتبة وكأم ، فكرة إن يتم طباعة روايتي وتوزيعها بشكل غير مشروع أمر مزعج للغاية ويتسبب في خسارة فادحة لدور النشر ، وكأم يقلقني الكتب الغير مرخصة والمجهولة المصدر والتي قد تقع بأيدي أبناءنا .

الكتب الغير مرخصة والمجهولة المصدر
الكتب الغير مرخصة والمجهولة المصدر

كتب تتحدث عن الدين والجنس والسياسة ، كتب قد تؤثر سلبًا في جيل صغير ، بها الكثير من المعلومات المغلوطة تفسد فكر وثقافة النشءٍ، لذا إلزاما على كل أم وأب هو الرقابة المستمرة والتأكد من مصدر الكتب التي يطالعها أبناءهم .

وفى نهاية حديث “الكاتبة مروة” أشارت إلى دور الدولة قائله :” انة يجب عليها دعم صناعة الكتب حتى تصبح القراءة للجميع ولا يضطر القارئ للجوء إلى الأرصفة لأنه لا يتحمل تكلفة الكتاب الذي يريده في المكتبات” .

مخاطبة المسؤولين والجهات المختصة

القضية المطروحة للنقاش ليست بالأمر الهين بل هي كارثة تفسد عقول أجيال كاملة، تتدخل في أفكارهم وتشكل قناعتهم وربما تسيطر على عقول البعض فتقذف به لهاوية التطرف أو الانحراف، لذا يجب على مسؤولي الدولة والمختصين بالجهة الرقابية التشديد على ما يتم طرحه للجمهور بشكل قانوني فلا يستطيع أي شخص طباعة أي محتوي قبل مراجعته والموافقة عليه من الجهات الرقابية المختصة.

دور الأسرة

ومما لا شك فيه إن للأسرة الدور الأعظم في خلق دائرة رقابية لحماية أبنائها، والسيطرة على مصادر معلوماتهم التي تشكل عقولهم وتبني قناعتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

فضلا ادعمنا لكى نستمر من خلال تعطيل حاجب الإعلانات