سلايدر

حمى الانقلابات تصل الجابون.. الجنرالات ينهون أسطورة عائلة «بونجو»

عبد الغني دياب

بعد ساعات قليلة من إعلان مركز الانتخابات الحكومي في الجابون، فوز الرئيس علي بونجو بولاية رئاسية ثالثة، أعلن عدد من العسكريين في البلاد رفضهم للانتخابات وسيطرتهم على السلطة في البلاد، ليكتبوا آخر فصول الحكم لعائلة الرئيس عمر بونجو التي تسيطر على حكم البلاد من العام 1967 ميلادية.

تفاصيل انقلاب الجابون

ووقع الانقلاب في الجابون اليوم الأربعاء بعد إعلان نتائج الانتخابات التي جرت في البلاد في 26 أغسطس الجاري والتي حصل فيها الرئيس عمر بونجو على 64.27% من الأصوات بينما حصل أقرب منافسيه على 30% من الأصوات، لتكون هذه الانتخابات هي القشة التي قصمت ظهر البعير، لتنتهي معها مسيرة الرئيس علي بونغو أونديمبا الذي استمر في السلطة لمدة 14 عاما، إذ كان انتخابه الأول في العام 2009.

عائلة بونغو في السلطة لأكثر من 55 عاما

الجابون لم تعرف في تاريخها إلا ثلاثة رؤساء فقط، وقد كانت في السابق مستعمرة فرنسية، اثنين من هؤلاء الرؤساء من عائلة واحدة، إذ قاد البلاد الرئيس عمر بونجو لأكثر من 41 سنة بدأت في العام 1967 أي عقب الاستقلال بسبع سنوات فقط، وبعد وفاته انتخب ابنه علي بونجو أونديمبا رئيسا للبلاد.

وخلال فترة رئاسة والده، شغل على بونجو منصب وزير الشؤون الخارجية 1989-1991 ونائب عن مدينة بونجوفيل في الجمعية الوطنية بين 1991-1999، ووزيرا للدفاع بين 1999-2009.

وهو نائب رئيس الحزب الديمقراطي الجابوني (PDG)، وكان المرشح الرئيسي عن الـPDG في الانتخابات الرئاسية سنة 2009، بعد وفاة والده، حسب النتائج الرسمية فاز ب 42% من الأصوات.

علي بونغو يدلي بصوته في ليبرفيل
علي بونغو يدلي بصوته في ليبرفيل

قبل وفاته كان الرئيس عمر بونغو يحظى باحترام واسع في الأوساط الإفريقية كما ربطته علاقات قوية بالدول الفرونفكونية، (مستعمرات فرنسا السابقة) حتى أنه قاد العديد من الوساطات في العديد من الأزمات الأفريقية، إلا أن علاقته بفرنسا طالما كانت محل انتقاد من قبل المعارضة، لذا حاول علي بونجو بعد انتخابه النأى بنفسه ظاهريا عن القوة الاستعمارية السابقة.

ووفقا لتقارير إعلامية فرنسية يخضع عدد من أفراد بونجو منذ العام 2010 للتحقيق من قبل السلطات الفرنسية بشأن القضية التي عرفت وقتها بـ “السلع غير المكتسبة” ، وهي أصول عقارية تشكلت في فرنسا بأموال عامة تم تحويلها من الجابون استولت عليها الأسرة.

لكن يبدو أن هذه المسيرة الطويلة في حكم الجابون آن لها أن تنتهي بعدما ظهر عشرة من العسكريين  صباح اليوم على قناة الجابون 24 التلفزيونية المحمية داخل الرئاسة، لقراءة بيان صحفي، أعلنوا فيه الإطاحة بالرئيس.

وكان من بين الجنود الحاضرين للاجتماع أعضاء في الحرس الجمهوري، والحرس الإمبراطوري للرئاسة، ويمكن التعرف عليهم من خلال القبعات الخضراء، وكذلك جنود من الجيش النظامي وضباط الشرطة.

آخر تطورات الوضع في الجابون

أعلنت السلطات العسكرية الجديدة في البلاد  عبر شاشة التلفزيون الجابوني حل “جميع مؤسسات الجمهورية، معللين خطوتهم بانتتنهم تحركوا بعد ملاحظة وجود تصرفات غير مسؤولة من قبل دوائر الحكم  في البلاد والتي يمكن التنبؤ بأنها ستؤثر على التماسك الاجتماعي في الجابون، ويهدد بقيادة البلاد إلى الفوضى.

وقال البيان العسكري الذي ألقاه أحد الضباط “قررنا الدفاع عن السلام من خلال وضع حد للنظام القائم”.

الانقلاب العسكري في الغابون
الانقلاب العسكري في الغابون

وتحدث البيان عن “لجنة انتقالية واستعادة المؤسسات” ستعمل خلال الفترة المقبلة على قيادة البلاد لحين انتخاب سلطة جديدة تكون معبرة عن تطلعات الشعب الجابوني.

وأضاف”لهذا الغرض، تم إلغاء الانتخابات العامة التي جربت في 26 أغسطس 2023 وكذلك عدم الاعتراف بالنتائج الصادرة عنها، كما تقرر حل جميع مؤسسات الجمهورية، والحكومة، ومجلس الشيوخ، والجمعية الوطنية، والمحكمة الدستورية.

ودعا البيان العسكري السكان إلى الهدوء والصفاء، مؤكدا أنه ملتزمون باحترام التزامات الجابون تجاه المجتمع الدولي” ، معلنا أيضا إغلاق حدود البلاد “حتى إشعار آخر”.

الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية

وفقا للبيان العسكري الذي ألقاه الانقلابيون، فإن رئيس الجابون علي بونغو أونديمبا، ” قيد الإقامة الجبرية “محاطا بأسرته وأطبائه وتم اعتقال أحد أبنائه، بتهمة”الخيانة العظمى”.

وفي الوقت نفسه ، ظهر الجنرال برايس أوليغوي نغويما، رئيس الحرس الجمهوري، أو الحرس الإمبراطوري للرئيس المخلوع علي بونغو أونديمبا، محاطا بمئات الجنود، وهم يهتفون “رئيس أوليغوي” ، في الصور التي بثها التلفزيون الحكومي.

أصوات إطلاق نار في ليبرفيل

وفي الصباح الباكر  سمع صحفيو وكالة فرانس برس، إطلاق نار من أسلحة آلية في العاصمة الجابونية ليبرفيل، وبعد ذلك بساعات قليلة، تمت استعادة شبكة الإنترنت في البلاد بعد ثلاثة أيام من قطعها من قبل الحكومة، التي أشارت إلى خطر العنف في يوم الانتخابات الرئاسية ، حسبما أشار صحفي لوكالة فرانس برس يوم الأربعاء.

انقلاب الجابون
انقلاب الجابون

وقبل الانقلاب بساعات أدان مرشح المعارضة ألبرت أوندو أوسا ما اسماه بعمليات الاحتيال التي قامت بها الحكومة خلال الانتخابات، كما أن عدد من أنصاره زعموا أن مرشحهم هو الفائز في الانتخابات مطالبين الرئيس بونغو بـ”تنظيم تسليم السلطة دون إراقة دماء” معتمدين على إحصاء قام به مراقبون تابعون للمعارضة.

مصالح فرنسا في الجابون على المحك

وعقب الانقلاب قالت تقارير إعلامية فرنسية إن مصالح باريس في الجابون على المحك، إذ أخبرت مجموعة التعدين الفرنسية إراميت وكالة فرانس برس اليوم الأربعاء أن أنشطة مجموعة التعدين الفرنسية ايراميت “توقفت” تماما في الجابون.

وقال الشركة إن المجموعة “تراقب” الوضع من أجل “حماية سلامة موظفيها وسلامة منشآتها”.

وتوظف إراميت حوالي 8000 شخص في البلاد، معظمهم من الجابون، وتسبب هذا الإعلان في انخفاض سهم إيراميت في بورصة باريس، والتي خسرت 18.83 ٪ إلى 61.85 يورو حوالي الساعة 9: 55 صباح اليوم.

انقلاب الغابون
انقلاب الجابون

يشار إلى أن المجموعة موجودة في الجابون من خلال شركتين فرعيتين. تتخصص شركة كوميلوج (شركة أوغو أوش للتعدين) في استخراج المنجنيز، الذي يعتبر خام إيراميت ثاني أكبر منتج عالي الجودة في العالم. وسيتراج (الشركة العاملة في ترانسابونيس)، الشركة الفرعية الثانية للمجموعة الفرنسية،  ويضمن تشغيل السكك الحديدية للخط الذي يربط ساحل المحيط الأطلسي إلى الجنوب الشرقي من البلاد الغنية بالمعادن من خلال الغابات الاستوائية في الجابون.

فرنسا تتابع الوضع بأعلى قدر من الاهتمام

وأكدت صحف فرنسية أنه أمام سفراء فرنسا المجتمعين في باريس، أدرجت رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيث بورن العديد من الأزمات الأخيرة التي واجهتها الدبلوماسية الفرنسية، قائلة إنه بعد أزمات إفريقيا “الآن الوضع في الجابون نتابعه بأقصى قدر من الاهتمام”.

وقال المتحدث باسم الحكومة اوليفييه في ارمران إن” فرنسا تدين الانقلاب العسكري الجاري في الجابون”.

وأضاف في مؤتمر صحفي في نهاية مجلس الوزراء أن الدبلوماسية الفرنسية “تؤكد من جديد رغبتها في أن يتم احترام نتيجة الانتخابات، عندما تكون معروفة”.

انقلاب الجابون
انقلاب الجابون

وعلى الفور دعت السفارة الفرنسية في الجابون الفرنسيين إلى “البقاء في منازلهم” ، و”البقاء على اطلاع بالوضع” و “مراعاة أقصى درجات اليقظة” من خلال احترام تعليمات السلامة التي تقدمها السفارة.

ومن جانبه ، اتهم زعيم فرنسا المتمردة جان لوك إرملنشون إيمانويل ماكرون يوم الأربعاء بأنه “يعرض فرنسا للخطر مرة أخرى في دعم لإنهاء ما لا يطاق” ، مع دعمه للرئيس الغابوني علي بونغو. وأكد في رسالة على موقع إكس (تويتر السابق) أنه “لن يسمع أي تنبيه”.

الصين تدعو إلى “ضمان أمن” الرئيس بونجو

وفي المقابل دعت بكين “الأطراف المعنية” في الجابون إلى “ضمان أمن” الرئيس علي بونغو ، بعد الانقلاب العسكري.

وقالت وسائل إعلام صينية: “تراقب الصين عن كثب تطور الوضع في الجابون وتدعو الأطراف المعنية إلى العمل لصالح الشعب الجابوني، وتطالب السلطات بالعودة الفورية إلى النظام الطبيعي، وضمان السلامة الشخصية للرئيس علي بونغو” وفقا لما قاله المتحدث باسم الدبلوماسية الصينية، وانغ ون بين ، للصحافة.

ومن جانبها ، قالت روسيا إنها “قلقة للغاية” بشأن الوضع وتتابع “عن كثب ما يحدث هناك”.

معلومات عن الجابون

وتعد الجابون واحدة من أغنى الدول في إفريقيا من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (8820 دولارا في عام 2022)، وذلك بفضل النفط والخشب والمنجنيز على وجه الخصوص، بالإضافة لقلة عدد السكان (2.3 مليون نسمة).

الجابون
الجابون

والجابون من بين أوائل منتجي الذهب الأسود في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وفي عام 2020 ، مثل هذا المورد 38.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي و 70.5 ٪ من صادراته ، وفقا للبنك الدولي.

لكن الاقتصاد الجابوني يواجه كثير من الأزمات، وذلك لأن الحكومة لا تستطيع تنويعه بشكل كاف ، ولا يزال يعتمد بشكل كبير على الهيدروكربونات، وكان واحد من كل ثلاثة من السكان يعيشون تحت خط الفقر في نهاية عام 2022 ، وفقا للبنك الدولي.

 

انقلاب الجابون
انقلاب الجابون

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى