دراسة تكشف أسرار تواصل الحيتان وشبهها بأصوات البشر

كتب: مهند سليم

لقد كرّس علماء الحياة البحرية جهوداً مكثفة في دراسة كيفية تواصل الحيتان عبر السنوات العديدة، وقد كشفت الأبحاث الأخيرة عن تعقيدات أكبر مما كان متوقعاً في طرق تواصلها.

فعلى الرغم من أننا نعرف منذ فترة طويلة أن الحيتان تتواصل عبر الصوت، إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أبعاداً جديدة ومعقدة لهذه الاتصالات.

اكتشاف تشابه مذهل بين لغة الحيتان والصوتيات البشرية

تحقيقًا لإنجاز ملفت، كشفت دراسة جديدة عن تشابه ملحوظ بين لغة الحيتان والصوتيات البشرية، وذلك بعد دراسة مجموعة من حيتان العنبر في المياه المحيطة بجزيرة دومينيكا الكاريبية وتحليل نداءاتها.

وفي البحث الذي نُشر في مجلة Nature Communications، كشف الباحثون عن قدرة حيتان العنبر، والتي تمتلك أكبر أدمغة من أي نوع حيواني على وجه الأرض، على جمع وتعديل نقرات وإيقاعات مختلفة لإنشاء نداءات معقدة تشبه اللغة البشرية.

هذا الاكتشاف يسلط الضوء على مدى التعقيد والغنى في نظام الاتصال لدى الحيتان، ويفتح آفاقًا جديدة لفهم طبيعة تواصل هذه المخلوقات البحرية الرائعة.

تفسير الأصوات

أكد فريق الباحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن رموز حيتان العنبر تظهر تعقيدات أعمق من مجرد تحديد هوية المتحدث، ومع ذلك، فإن معلومات النداءات لا تزال غير محددة تماماً.

وأشار مؤلفو الدراسة إلى أن أصوات حوت العنبر تعبر عن تنظيم وترتيب أكبر مما كان يُعتقد سابقاً، حيث يتكون كل رمز تقريبًا من مقدار يشتمل على رموز أكثر تميزاً من حيث الحجم.

من خلال تحليل “الكودا” (CODAS) لحوالي 60 حوتاً من حوت العنبر، تمكن الباحثون من تحديد العناصر الأساسية لـ “الأبجدية الصوتية” التي يفترض أن تستخدمها حيتان العنبر للتواصل.

وقد قام الباحثون بتحليل مجموعة كبيرة من البيانات تضم 8719 كودا، حيث أظهروا أن كل رمز يتكون من مجموعات نقرات، عادة ما تكون مدتها أقل من ثانيتين، مما يشير إلى مستوى التعقيد والتنظيم في لغة الحيتان العنبر.

تعقيدات التواصل

جوقات “الكودا” المتفاعلة أثارت اعتقاد الباحثين بأن حيتان العنبر قد تكون مشاركة في حوار يمكن مقارنته بالمحادثات البشرية أو حتى إرسال شفرة مورس.

وأوضح المؤلفون أن أصوات حوت العنبر تظهر تعقيدات على نطاقين زمنيين مختلفين، حيث يتضمن الأول مقياس زمني دقيقًا يحدد تركيبة كل مقطع فردي، بينما يحدد الثاني البنية العامة للتبادل التفاعلي عبر الكودات داخل الجوقة.

وعلى الرغم من أن وظيفة التواصل للعديد من الكودات لا تزال مجهولة، فإن نتائج الدراسة تظهر أن نظام التواصل في حوت العنبر، بمبدأه، قادر على تمثيل مجموعة كبيرة من المعاني المحتملة، باستخدام آليات مماثلة لتلك المستخدمة في أنظمة إنتاج وتمثيل الصوت لدى البشر.

تعتبر حيتان العنبر من الحيتان التي تتميز بقدرتها على الغوص إلى أعماق كبيرة، حيث يصل عمق غوصها إلى حوالي 1150 قدمًا، وتبقى تحت الماء لمدة تصل إلى ساعة أو أكثر قبل أن تعود إلى السطح للتنفس لفترة تقدر بحوالي عشر دقائق، وفقًا لمجلة بريتانيكا.

تُعتبر أيضًا واحدة من أكبر الحيتان المسننة، وتتميز بتوزيعها العالمي الواسع، حيث يُعتقد أنها موجودة في جميع المحيطات العميقة حول العالم، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.

وبالرغم من شهرتها الواسعة، فإن حوت العنبر مدرج كنوع مهدد بالانقراض ومنضب وفقًا لقوانين الحماية البيئية المتعلقة بالأنواع المهددة بالانقراض والثدييات البحرية، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.