رحيل في غرفة العمليات.. مات قلبه وهو يحاول إنقاذ قلب المريضة

قنا- سمر أحمداني
في لحظة تفان نادرة من أنبل لحظات العطاء، وبين يديه حياة إنسان يكافح لإنقاذها، أسلم الطبيب الشاب محمد أنور العشري روحه لبارئها، وهو يؤدي واجبه الذي نذر له قلبه قبل علمه. لم يكن مجرد طبيب قلب، بل كان قلبًا نابضًا بالرحمة والإنسانية، رحل وهو في عمر الزهور، 37 عامًا فقط، لكن أثره ترك بصمة أبدية في نفوس من عرفوه.
كان الدكتور محمد يعمل في مستشفى قفط التخصصي بمحافظة قنا، حيث وهب أيامه وراحته لرعاية المرضى. يوم وفاته، كان يجري عملية جراحية دقيقة لسيدة مسنّة تبلغ من العمر 75 عامًا، تعاني من اضطرابات حادة في القلب. فجأة، وبدون سابق إنذار، توقف قلب الطبيب نفسه، كأنما اختار الرحيل في لحظة يشهد فيها الله والناس على مدى إخلاصه.
لم يكن خبر الوفاة عادياً، اجتاحت مشاعر الحزن صفحات التواصل الاجتماعي، وتسابق الأهالي في قفط لتوديع الطبيب الذي أحبوه بدماثة خلقه، وبابتسامته التي لم تفارقه حتى في أصعب اللحظات. كتب البعض: “مات وهو يضمد أوجاع غيره، كأن قلبه اختار أن يكون آخر ما يشعر به هو واجب إنساني.”
رحل الدكتور محمد، لكنه ترك خلفه سيرة تروى، وذكرى تُبكي وتُبجّل. هو مثال لقلوب الأطباء التي تنبض بالرحمة حتى آخر لحظة.