
عبد الغني دياب
منذ إطلاق إشارة البدء في مشروع عودة الحياة التي أطلقتها حكومة الوحدة الوطنية في عام 2021، والعيون تترقب المنجز الذي حققته هذه الخطة، خصوصا وأن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، تعهد وقت إطلاق الخطة بأنها ستنفذ مشروعات عملاقة في كل ربوع البلاد.
بعد مرور أكثر من عامين على إطلاق الخطة، لا تزال تواجه تحديات جسيمة على الرغم من إنجاز بعض المشروعات الخدمية في عدد من المدن، إلا أنها وفق مراقبين لا ترقى لتلك الحالة التي كانت موجودة وقت إطلاق الخطة، حيث عم التفاؤل ربوع البلاد بها، لكن المحصلة لا تزال ضعيفة.
إنجازات خطة عودة الحياة
في مايو الماضي أعلن الدبيبة أنه تم تنفيذ 1345 مشروعًا ضمن خطة «عودة الحياة»، تضمنت إنشاء وصيانة الطرق وبناء الجسور والمدارس وغيرها من مشاريع البنية التحتية، متعهد بضخ مزيد من الأموال لإنجاح الخطة ودعم الشباب والفئات المهمشة.
وخلال الفترة الماضية أعلنت حكومة الوحدة عن تنفيذ عدد من المشروعات منها تطوير مركز مصراتة الطبي، الذي يسع 600 سرير، حيث جرى تطوير أقسامه، ضمن الخطة، وتشمل قسم جراحة القلب والعناية الفائقة والعمليات الرئيسية وإيواء الجراحات التخصصية والتشخيص وغسيل الكلى.
وفي مصراتة أيضا أعلنت الصفحة الرسمية لمشروع “عودة الحياة” أنه تم إنجاز 40% من مشروع مجمع عيادات رأس فريدغ، مؤكدة أن المجمع يتكون من طابقين يحتويان على 13 عيادة تخصصية، وغرف عمليات صغرى للطوارئ والعيون، ومعامل تحليل، وغرف أشعة، وغيرها من المرافق الإدارية والتخصصية.
كما تم تطوير المدينة الرياضية مصراتة، بنسبة بلغت 50%.
وفي طرابلس، تتواصل أعمال رصف المرحلة السادسة من مشروع طريق حي الأندلس البحري للمسار ما بين كوبري العمال وشارع البريد، حيث يبلغ طول الشارع 9370 مترًا، وعرضه 16 مترًا، يمتد من جزيرة سوق الثلاثاء شرقًا حتى جنزور غربًا، مما يجعله مسارًا حيويًا يربط مركز المدينة بغربها.
وفي السياق ذاته تم الانتهاء من أعمال تنفيذ جسري مشاة من ضمن 5 جسور يجري تنفيذها على مسار الطريق الساحلي الممتد من بوابة كعام شرقا إلى مدخل بلدية مسلاتة غربا، والبالغ طوله 50 كيلومترا.
وخلال الأيام الماضية افتتح رئيس حكومة الوحدة عددا من المشروعات في مدينة غريان، من بينها مجمع عيادات غريان بعد الانتهاء من أعمال تطويره وتجهيزه على مساحة إجمالية تبلغ 4،842 مترا مربعا.
ويتكون المجمع من 20 عيادة تخصصية وقسم للطوارئ وغرفة عمليات مصغرة، وغرف إيواء، بالإضافة إلى مرافق إدارية وخدمية وتخصصية أخرى.
كما تم افتتاح 5 مدارس في غريان أيضا، بالإضافة إلى رصف الطريق الساحلي الشرقي للمسار الذي يمتد من بلدية تاجوراء شرقا حتى بلدية القره بوللي غربا بطول 46 كيلومترا وبنسبة إنجاز بلغت 12%.
تحديات تواجه مشروع عودة الحياة
لا تزال وتيرة الأعمال في مشروعات عودة الحياة ضعيفة وبطيئة للغاية، وذلك يرجع لعدة أسباب وفق مراقبين، أولها الفساد، حيث تقع ليبيا في مرتبة متقدمة بين دول العالم الأكثر فسادا، إذ يقول مؤشر الشفافية الدولية لعام 2023 إن البلاد ضمن قائمة الدول العشر الأكثر فسادا في العالم.
الفساد
وقالت المنظمة إن كثير من الموظفين الحكوميين يخدمون أنفسهم بدلا من الشعب الليبي، مؤكدة أن البلاد «لن تستطيع المُضيّ قدما إلا عندما يوقف القادة حلقة الفساد».
وصنفت المنظمة ليبيا كدولة فاسدة للغاية بعد الحصول على 17 درجة على مقياس يتضمن 100 درجة، وهو ما ألقى بظلاله على الخطة الحكومية الهادفة إلى إعادة الحياة للمناطق الليبية التي تضررت من الحرب على مدار الأعوام الماضية.
غياب الاستقرار
المعوق الثاني الذي يعرق أي خطة تنمية في ليبيا، وفي مقدمتها خطة عودة الحياة، هي عدم الاستقرار الأمني في كثير من المدن الليبية، والتي تشهد بين الحين والآخر اشتباكات بين مجموعات مسلحة، كانت آخرها غريان التي شهدت اضطرابات واسعة في نهاية أكتوبر الماضي، استدعت قصف بعض المواقع بالطيران المسير، كما شهدت مناطق طرابلس والزاوية حوادث مماثلة خلال الفترة الماضية.
وبسبب هذه الأحداث صنف مؤشر السلام العالمي لعام 2023 ليبيا، في وضع متأخر حيث حصلت على 137 من بين 163 دولة، وفق المؤشر السنوي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، وهو ما يلقى بظلاله هو الآخر على المشروعات التنموية التي تتأثر بالحالة الأمنية.
الانقسام السياسي
وعلى الرغم من المشاورات المفتوحة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة منذ أكثر من عامين بغرض الوصول إلى الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية في البلاد، إلا أن أي من هذه المفاوضات لم تؤتي أوكلها حتى الآن، ورغم صدور قوانين الانتخابات من قبل البرلمان خلال الفترة الماضية، إلا أن المجلس الأعلى للدولة أعلن عن وجود اعتراضات على بعض بنودها، ليبدأ الطرفان مفاوضات جديدة احتضنتها العاصمة المصرية القاهرة، خلال الأيام الماضية.
سوء التوزيع
وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة أعلن وقت إطلاق الخطة أنها ستشمل جميع المدن الليبية بما فيها طرابلس وسبها وبنغازي، إلا أن الخطة ركزت مشروعاتها بشكل أساسي على المنطقة الغربية، وتراجع دورها بشكل ملحوظ في الشرق والجنوب، وهو ما يعود إلى الانقسام الحكومي، الذي حدث من إعلان مجلس النواب تشكيل حكومة جديدة بدأت عملها من المنطقة الشرقية، في حين رفضت حكومة الدبيبة تسليم السلطة إلا بعد إجراء انتخابات.