لا تيأس فلا بد لك من عودة
بقلم: سلامة حجازي
خرج النبي الكريم من مكة ومن معه من الموحدين مُكرَهين يعانون من الشوق إلى مكة مسقط رأسهم ووطنهم وقال صل الله عليه وسلم حينها: لولا أن قومك أخرجوني ما خرجت، ولكن كانت الهجرة لحكمة يعلمها الله عز وجل، حيث عادوا بنصر عزيز في العاشر من رمضان المبارك.
انتصر الله لنبيه صل الله عليه وسلم وقد جاءت جيوش المسلمين لفتح مكة تثير الذعر والرعب في قلوب الكافرين من أهل قريش الذين انتهكوا الهدنة التي كانت بينهم وبين المسلمين ونقضوا المعاهدة التي سميت بصلح الحديبية.
جاءت تلك الجيوش تطمئن قلوب الذين آمنوا معه صلَّ الله عليه وسلم، من المخلصين المؤمنين الموحدين الذين لم يخافوا في قول الحق لومة لائم ولم يخافوا قط من تعذيب سادتهم لهم؛ لأنهم كانوا على الحق المبين وأنار الله أفئدتهم بالإيمان.
هذا أعظم نصر في تاريخ الإسلام ورسالة نبي الله محمداً صل الله عليه وسلم، حيث كان قد تعرض للإهانة والسب والسخرية والاتهام بالسحر وشككوا في رسالته وأخذتهم العزة بالإثم، ولم تنفعهم أصنامهم بشئ، بل قام رسول الله و جيش المسلمين بتحطيمها جميعاً وهم يرددون: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.
بينما نُكِست أعلام الشرك وارتفع للتوحيد زمن جديد وارتفعت راية الإسلام عالية خفاقة في وجه المتكبرين الكافرين وكان رد الله عز وجل قاسياً عليهم بخذلانهم وقهرهم.
عاد الحق إلى بلاده منتصرًا وانتحر الشوق لموطنهم ومساكنهم التي قطنوها قبل إجبارهم على الخروج منها عنوةً.
فلا تحزنوا إن خرجتم من دياركم مُكرَهين فلعلها لحكمة يعلم الله عز وجل وما كان ربك نسياً.
فحين خافت أم موسى عليه السلام على رضيعها من بطش فرعون أمرها الله بإلقاءه في اليم، لحكمة هو يعلمها وبالفعل تربى في قصر ذاك الفرعون الظالم، وعاد إليه الطفل الرضيع الذي تربى وترعرع في قصره ينصحه بالعدول عن كفره وجبروته، ثم طارده هو وحاشيته وانتصر الله لنبيه موسى بإغراق فرعون ومن معه من الجبابرة المشركين.
ولن يفوتني ذكر نبي الله يوسف عليه السلام، حيث قام اخوته بإلقاءه في البئر وقد وجده أحد التجار المتجهين إلى مصر وباعه هناك. ومع مرور الأحداث التي نعرفها جميعاً وبعد مرور السنوات، أصبح يوسف عليه السلام عزيز مصر وملكها فلا تيأسوا فإن الله على كل شئ قدير. فابتلاءات الله لعباده ليست صدفة إنما لحكمة يعلمها. تفائلوا ولا تحزنوا إن أصابكم الله مكروه فوالله إن في ذلك خير لكم.
وأختم مقالي هذا بقوله تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم.