«إنجاز العصر» يمد شريان حياة للتنمية الشاملة خارج الدلتا
تخلق محاور استراتيجية.. تعزّز الاستثمارات والثروات.. تقلّل الحوادث والاختناقات
خبراء: شبكة الطرق إنجاز أقرب للإعجاز على طريق «مصر الخضراء»
محمد عبد الواحد الزيات
دونما طريق فلن تسير.. وبقدر اتساع الطريق ستتسع الرؤية وتتعاظم الإنجازات.. لذلك نهضت مصر بشبكة الطرق القومية بملحمة تنموية وإعجازية تحالفت مع الزمن لتسابقه كي ترتسم على كامل خارطة البلاد طولاً وعرضاً، حتى بلغت أرقى معايير النقل العالمية التي تسير عليها مواكب البنائين صوب مصر الجديدة التي تعيد مجدها وترسم غدها ببسط عمرانها على كل رقعة منها، من أجل أن توازي هذه الطرق نهضة المحروسة بدفء صحرائها وروعة شطآنها وسحر جبالها ومساحتها الشاسعة من النيل الخالد إلى الروابي والحقول، وانتشار مدنها اللوجستية ومشاريعها التنموية على امتداد جغرافيتها.
يقود المصريون، سنوياً، مئات الملايين من الرحلات على الطرق، بما يعادل السفر إلى كوكب المريخ والعودة، لآلاف المرات، لذلك ففي حالة عدم جاهزية الطرق التي يقودون عليها، سيؤدي ذلك إلى زيادة استهلاك الوقود وتكاليف الصيانة وإضعاف فرص التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهذا بالفعل ما عانت منه مصر ، لسنوات طويلة سبق عام 2014م، ترتب عليها تصدع شبكة الطرق والكباري، جراء فساد الأعمال وعدم مطابقتها للمواصفات فضلاً عن انعدام الصيانة وارتفاع معدل حوادث الطرق، الأمر الذي جعل بلاد الأهرامات والحضارة في تلك الفترة من أخطر 10 دول في سلامة الطرق عالمياً، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية.
ولأن الدولة مثلها مثل الكائن الحي، الذي يحتاج إلى شرايين صحية تجري فيها دماء التنمية حتى ينبض قلب البلاد بالنماء والازدهار، فقد خاضت مصر، إحدى أكبر وأنجح تجارب البنى التحتية عالمياً من خلال إطلاق مشروع الشبكة القومية للطرق في 22 يونيو عام 2014م، الذي أخرج طرق مصر من كبوتها، مستهدفاً بناء وتطوير أكثر من 7 آلاف كيلومتر من الطرق في ربوع الدولة، لتشكل نحو 20 بالمئة من إجمالي الطرق المُطورة، حيت جرى الانتهاء من بناء 5500 كيلومتر، بتكلفة 175 مليار جنيه، وفق بيانات وزارة النقل.
واستهدف المشروع القومي للطرق، توفير شريان حياة للتنمية الشاملة والاستثمارات والجمهورية الجديدة، بنقلة حضارية أوجدت محاور لوجستية جديدة، حاملة أقحوانات الأمل في ربط شبكة النقل بخطط التنمية القومية، وتعزيز دور النقل في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز التكامل الاقتصادي محليا وإقليمياً مع الدول المجاورة شرقاً وغرباً، وتعزيز المحاور الشرقية لمصر مع صعود الصين والقوى الآسيوية، وربط المدن الاقتصادية مع المحاور الحضرية ، وخلق منافذ استراتيجية جديدة لمصر، وإقامة مراكز لوجستية جديدة، وتحقيق الاستثمار الأمثل لثروات مصر بمناطق التعدين والسياحة، وفقاً لمستهدفات الخطة القومية للطرق.
فوائد غير مسبوقة
نجحت الدولة المصرية، في تحقيق نحو 80 % من مستهدفات المشروع القومي للطرق بمراحله الثلاث، لتوفر بذلك أكثر من 8 مليارات دولار -أكثر من 248 مليار جنيه- وفقاً لبيانات رئاسة مجلس الوزراء، إذ كانت تضيع بسبب ضعف شبكة الطرق القديمة وما كانت تتطلبه من استهلاك الوقود والوقت، لتسهم هذه النقلة بالبنية التحتية في ربط التجمعات والمناطق العمرانية والصناعية والزراعية، وتلبية احتياجات المواطنين والأجيال المقبلة التي تستحق جودة الحياة، إذ يسهم هذ الإنجاز في تحسين كفاءة الطرق القديمة، وخفض معدلات الحوادث وسيولة حركة المرور.
كما يسهم إنشاء طرق جديدة تعادل 30% من القديمة بجهورية 30 يونيو، في تحسين البنية التحتية وخلق ممرات تنموية، وتيسير حركة النقل والمواصلات، وفتح الآفاق أمام جذب الاستثمارات وتشجيعها وتشغيل الشباب في مشاريعها المتنوعة، وتسهيل نقل مستلزمات الإنتاج والبضائع والتوسع في بناء المجتمعات العمرانية الجديدة، وربط موانئ البحر الأحمر بالبحر المتوسط، بما يعزز من مكانة مصر كمركز لوجيستي عالمي، فضلاً عن ربط مصر بطرق برية بعدد من بلدان القارة الإفريقية، الأمر الذي يسهم في زيادة الدخل القومي للبلاد، وامتداد الأثر المنشود من المنافع الاقتصادية إلى تحقيق أخرى سياسية واجتماعية كأحد مرتكزات خطة التنمية المستدامة.
بدون طرق.. لا وصول لتنمية !
وسط ما تواجهه الدولة المصرية من تحديات ضخمة على وقع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي تثير مخاوف من ركود اقتصادي عالمي وأزمات اقتصادية عالمية، كان هناك قدر من الجدل بشأن أهمية المشروع القومي للطرق، إلا أن هذا الجدل يتنافى مع حقيقة احتياج التنمية الشاملة إلى شرايين تنموية تنقل الحداثة إلى ربوع البلاد، إذ تمتد شبكة الطرق الجديدة إلى مناطق الرقعة الزراعية الجديدة في الظهير الصحراوي لمصر، بواقع 4.5 مليون فدان، وتوفر بنية الطرق نحو 500 مليون جنيه يومياً كانت تستنزفها أزمنة الرحلات لتلك المناطق.
وبدون شبكة الطرق الجديدة ومشروعاتها الجارية حالياً المُقدرة بـ1010 مشروعات، لما كان الوصول إلى المشاريع الجديدة التي تخدمها هذه الطرق بأنحاء الجمهورية، ومنها: “87 مشروع غاز طبيعي، و238 مشروع إسكان ومدن جديدة، و244 مشروع طاقة متجددة، و91 مشروع ثروة سمكية، و68 مشروع تطوير مدن حضرية، و60 مشروع تطوير عشوائيات، و8 مناطق لوجستية جديدة، و77 مشروع زراعي قومي، و190 مشروع صناعي، و91 مشروع سياحة وآثار، و54 مشروع دفاعي خاص بالقوات المسلحة، و239 مشروع موارد مائية، و1025 مشروع صرف صحي، و97 مشروع ترفيهي، و626 مشروع بالصحة، و324 مشروع رياضي، وغيرها من المشاريع المرتبطة بشبكة الطرق الجديدة –وفقاً لبيانات خريطة مشروعات مصر التابعة للحكومة المصرية.
ويتضمن المشروع القومي للطرق، إنشاء 21 محوراً وكوبري جديداً على النيل بإجمالي تكلفة 30 مليار جنيه، ومنها: “تحيا مصر أو محور روض الفرج- طلخا – بنها – الخطاطبة- طما – جرجا”، ليصل إجمالي محاور النيل إلى 59 بدلاً من 38 محورا قبل يونيو 2014م، كما جرى تشييد 600 كوبري أعلى مزلقانات السكك الحديدية على مستوى الجمهورية بتكلفة بلغت نحو 120 مليار جنيه، منه: ” قوص – دهشور – سندوب – أجا – التوفيقية – دمنهور – كوبري وادي حجول – الكلابية – كوبري 109 علي طريق القاهرة السويس الصحراوي”، ويجري العمل على إنجاز 143 كوبري ونفق بإجمالي تكلفة تبلغ 20 مليار جنيه، لتتضاعف خريطة العمران بالبلاد.
كما جرى إنجاز: “محور 30 يونيو ببورسعيد، ونفق أحمد حمدي بشرم الشيخ، والطريق الأوسط بشرم الشيخ، وطريق شبرا – بنها الحر بطول 40 كيلومتر، والقوس الشمالي من الطريق الدائري الإقليمي بطول 90 كيلومتر وكوبري الشهيد أحمد المنسي، و كوبري الشهيد أبانوب جرجس، وكوبري نجع حمادي بسوهاج، ومحور جرجا بسوهاج، و محور طلخا – المنصورة بالدقهلية، ومحور طما الحر بسوهاج، وكوبري الفنجري الجنوبي بمدينة نصر، وكوبري مطار العاصمة الإدارية، وممشى أهل مصر، وطريق وادي النطرون، وطريق العلمين بطول 135 كم، وطريق الصعيد – البحر الأحمـر بطول 180 كيلومتر، وطريق الجلالة بطول 82 كم، والفرافرة – عين دله بطول 90 كم وجاري العمل في المرحلة الثالثة بطول 1300 كم”.
كما جرى تطوير وصيانة ورفع كفاءة 5000 كيلومتر من شبكة الطرق الحالية بتكلفة 15 مليار جنيه، ومنها: ” طريق بنها – المنصورة، وطريق المحلة – كفر الشيخ، وطنطا – كفر الشيخ، ودمياط – كفر البطيخ، وسيدي كرير – مطار برج العرب، والكافوري -، برج العرب وسوهاج – قنا الصحراوي الغربي ، وطابا – نويبع”، ومخطط تنفيذ 1200 كيلومتر أخري فور الانتهاء من تنفيذ المرحلة الثالثة، ليصل لتصبح إجمالي شبكة الطرق السريعة 30,5 ألف كيلومتر بعدما كانت 23,5 ألف كيلومتر قبل يونيو 2014م، لتسهم بدورها في خفض حوادث الطرق بنسبة 29% ما بين عامي 2014م و2021م، ما قفز بمصر، من المركز 118 إلى 28 بمؤشر جودة الطرق العالمية، وفقاً لبيانات وزارة النقل.
وفي هذا السياق، قال استشاري الطرق والكباري الدكتور عماد نبيل، ردًا على الجدل بشأن التوسع في شبكة الطرق والكباري: ” إن الإصلاح الاقتصادي له ثمن، وما يحدث في هذا الملف له أولوية كبيرة للغاية، لأن الطرق جزء من التخطيط لأي دولة، حيث لا يستطيع أي شخص بناء مدينة بدون طرق داخلية”. وأضاف: “إنشاء الطرق ليس أمراً ترفيهياً، وليس الهدف الرئيسي للدولة، لأن هذه الطرق جزء من هدف الدولة المتمثل في إنشاء المشروعات والمصانع وجذب المستثمرين وغيرها من الأمور الهامة، والمواطن استفاد بشكل كبير من هذه الطرق سواء بشكل مباشر بتخفيف زمن الرحلة وتقليل الحوادث والحفاظ على المركبة أوبشكل غير مباشر بعمل المشروعات وجذب المستثمرين”.
رقابة رئاسية
اكتسى المشروع القومي للطرق، باهتمام واسع من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي سبق أن صرح في إحدى لقاءاته بأن الدول التى تسعى للتقدم والازدهار تفتح شرايين في أراضيها تتمثل في الطرق والاستثمار حول تلك الطرق، مشدداً على الطرق والمحاور هي شرايين التنمية الحقيقية التي تبنى عليها كل عوامل التنمية ومحاورها
وتجسد اهتمام الرئيس السيسي، بشرايين مصر الجديدة، في جولاته المتواصلة لمشاريع تطوير وتشييد الطرق والكباري بالمحاور الاستراتيجية للدولة لمتابعة عمليات البناء والتنفيذ على أرض الواقع، بما يؤكد عزم الدولة المصرية على تشييد وصيانة الطرق الشريانية لجعلها بمثابة مضخة التنمية وجودة الحياة بمناطق الجمهورية.
وحول هذا المسعى، قال أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس الدكتور حسن المهدي، إن مصر تحقق المعجزات في مشروعات الطرق والكباري في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وما تحقق في مشروعات الطرق والنقل على مدار السنوات هو إنجاز أقرب ما يكون للإعجاز، لأن ما تم في قطاع البنية التحتية، ومنها مشروعات النقل لم نكن لنحلم أن نشاهد نصف ما تحقق على أرض الواقع”.
وأشار «المهدي»، إلى أن الدولة أخذت على عاتقها بتوجيهات من القيادة السياسية الاهتمام بقطاع النقل وتطويره باعتباره دعم لمشروعات التنمية المستدامة، فضلاً عن أن هذا القطاع خدمي يخدم حياة المواطن اليومية، موضحاً أن المشروع القومي للطرق أضاف ما يقرب من 7000 متر طولي من الطرق الحرة والسريعة على مستوى الدولة، بما ساهم في توفير آلاف فرص العمل للمصريين وساهم في تقليل نسبة البطالة.
وأكد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، أن المحاور المرورية التي نفذتها الدولة داخل المحافظات ضمن مشروعات الطرق الداخلية قد أوجدت حلولاً للمشكلات المروية، بجانب تطوير قطاع السكة الحديد من خلال إصلاح البنية الأساسية وتدريب العنصر البشري وشراء قطارات جديدة.
ازدهار الاستثمار
تسهم حداثة البنى التحتية وتطور شبكة الطرق في طمأنة المستثمرين على وجود أعلى درجات الأمان من حيث جوانب نقل وسلامة منتجاتهم داخل الدولة، مما يعزز من جذب المستثمرين على عكس الحال عند وجود أزمات في عمليات النقل والتوزيع والخدمات اللوجستية بما يصرف المستثمرين عن دخول السوق المصرية.
ونفذت الحكومة المصرية خلال الآونة الأخيرة، أكثر من 808 مشروعات طرق ذكية ومتطورة، أسهمت في ربط شريط النيل بما استحدث من مدن لوجستية وصناعية ، وسرّعت من عمليات نقل البشر والبضائع، وقلّلت من زمن الرحلات بما عزّز الجانب السياحي، وشجع المُستثمرين على إطلاق المزيد من المشروعات والخروج من وادي النيل الضيق، الأمر الذي يرفع كفاءة التبادل التجاري ويوجد اقتصاداً مصرياً تنافسياً مدعوماً بالعصر الجديد للطرق ومنظومات النقل الحديثة.
وفي هذا السياق، قال خبير واستشاري الطرق الكباري الدكتور عماد نبيل: “إن الحكومة المصرية عندما قامت بوضع رؤية مصر 2030، وضعت على الخريطة الرؤى المستقبلية للتنمية الحضارية والثقافية والعمرانية والصناعية والزراعية وشبكة الطرق والكباري، وخاصة وأن شبكة الطرق التي كانت متواجدة قبل 2013م، لا تصلح لأن تقوم بمهمتها لأنها كانت متهالكة ولا ترقى للمستوى المطلوب، وكان ترتيب مصر في الطرق والكباري الـ 118 عالمياً، وهو ترتيب متدني للغاية، قبل أن تتحول مصر حاليا في 2023 للتقدم 90 مركزاً والوصول للمرتبة الـ 23 على العالم”.
وأضاف «نبيل» : “إجمالي استثمارات الطرق والكباري التي تم إنجازها بلغت 22.5 مليار جنيه واشتملت على المشروع القومي للطرق –بواقع 10 طرق- بتكلفة 12.8 مليار جنيه، وتطوير 2000 كيلومتر من شبكة الطرق الحالية بتكلفة 5.7 مليار جنيه بالأسعار الماضية، بالإضافة إلى إنشاء محاور على النيل بعدد 4 محاور بتكلفة 1.9 مليار جنيه وإنشاء عدد 18 كوبري علويًا على الطرق وكباري القطاع السابع بالطريق الصحراوي، وكباري طريق القاهرة- السويس بتكلفة إجمالية 2.1 مليار جنيه”.
وتابع خبير الطرق: “سبب قيام الدولة بشبكة الطرق على مستوى الجمهورية حتى يكتمل المخطط الإقليمي لمصر، بإنشاء 11 محوراً عرضياً، و6 طويلة، إذ كانت هي البداية، حيث تم الانتهاء من إجمالي أطول 5 آلاف كيلو متر، ثم استكمل المشروع القومي ليصل إلي 7 آلاف كيلو متر طرق سريعة، وبعد ذلك ظهرت المعاناة داخل المحافظات والحاجه إلي إنشاء الطرق والكباري، تتصدرها القاهرة الكبرى التي شهدت إنشاء العديد من الطرق في المدن لتخفيف الحالة المرورية والتي وصلت إلي 30 كليو متر في الساعة.
خفض حوادث الطرق
ساهم المشروع القومي لشرايين مصر في خفض حوادث الطرق بنسبة تزيد عن 44%، وخفض نسبة الوفيات الناتجة عنها بنسبة 48%، بينما انخفضت الإصابات بنسبة 47%، بعدما جرى إعادة رسم خارصة النقل والمواصلات من جديد بتسهيل الأعمال ووصول المواد الخام إلى المجمعات الصناعية ودعم عمليات التصدير بسهولة نقل الإنتاج المحلي إلى الموانئ بكل سلاسة وسلامة.
وتتعاظم الاستفادة من شبكة الطرق القومية بُبعدها الأمني المتجسد في التزام الدولة بالحفاظ على حياة المواطنين وتلبية طموحاتهم، عبر منظومة نقل ذكية ومتطورة، الأمر الذي عزّز من الأمن الداخلي والقومي، فهذا ما تكشفه لغة الأرقام على أرض الواقع الذي يشير إلى وجود 2437 حادثاً عام 2010م، أدت لوفاة 6486 شخصاً حيث 48.4% منهم من فئة الشباب، وإصابة 36028 آخرين، بما يعادل 19.3 متوفى يوميًا، و98.7 مصاباً يومياً، ومع تزايد عدد السكان بنسبة 25 مليون مواطن منذ العام 2010م حتى اليوم، إلا أن نسبة الحوادث قد انخفضت بنسبة تصل إلى نصف معدلات عام2010م، بحسب بيانات لجنة السلامة بهيئة الطرق والكباري والنقل البري.
تقليل زمن الرحلة
يتعاظم حجم الإنجاز الذي حققته مشاريع الشبكة القومية للطرق في توفير الوقت والجهد والوقود لرحلات المصريين، إذ تشير بيانات وزارة النقل إلى مساهمة طريق «شبرا – بنها» الحر في تقليص زمن الرحلة بمعدل 85 دقيقة حيث تقلصت من 120 إلى 35 دقيقة فقط، فيما أسهم محور 30 يونيو الجديد في تقليص زمن الرحلة بمعدل 80 دقيقة لتصبح من 120 دقيقة إلى 40 دقيقة فقط.
وتواصل ربط وتقريب شرايين مصر، من خلال ربط القاهرة الكبرى ببعضها عبر مشروع الطريق الأوسطي، الذي أوجد كتلة نقلة موحدة بين القاهرة والمدن الجديدة مثل مدن: “6 أكتوبر، والقاهرة الجديدة، والعاشر من رمضان، وغيرها”، فضلاً عن دور الطرق الإقليمية ربط أكثر من 13 محافظة دون الحاجة إلى إلزامية للسفر إليها من العاصمة القاهرة، الأمر الذي حقق 50% توفيراً في أزمنة الرحلات الخاصة بمركبات النقل الثقيل، فضلاً عن دور محاور النيل في تقليص المسافات بين المحاور الأخرى بنسبة 75% من 100 كيلومتر إلى 25 كيلومتر فقط،
وينعكس عامل تقليص أزمنة الرحلات بشكل مباشر على حياة ورفاهية المواطن الذي ربما كان يقضي جزءاً عمره في القيادة على الطرق، إذ أسهمت جودة الطرق من نواحي توفير فرص العمل للشباب، وخفض التكدسات والاختناقات المرورية، وتوفير معدلات استهلاك الوقود الذي تدعمه الدولة بما يحفظ الأموال ويدعم على البيئة، إذ تضيف كل ساعة زحام نحو 1.7 مليار لتر وقود سنوياً، بتكلفة تزيد عن 8 مليارات جنيه يتحملها كل من المواطن والدولة، وفقاً لبيانات وزارة النقل.
وتشير الأرقام المحققة من مشروعات الطرق والكباري مروراً بالقطار الكهربائي والمونوريل، إلى وجود تخطيط علمي متعدد الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والإنسانية، يقوم على خطة نهوش شاملة ومتوازنة ترتسم بعرض المصريين بهدف تعظيم القوة الشاملة للبلاد اقتصادياً واستثمارياً وأمنياً وعسكرياً.
الطريق الدائري والنقل الذكي
تواصلت إنجازات المشروع القومي للطرق عبر جراحة عاجلة في قلب العاصمة ومجاوراتها، بتشييد محور الدائري الإقليمي بطول 400 كيلومتر، وباتساع 4 حارات في كل اتجاه من اتجاهيه المتوازيين، حيث يتقاطع هذا الشريان الحيوي مع 18 محوراً استراتيجياً تضع الحياة في قلب الدولة المصرية ونبض شعبها.
اشتملت عملية تطوير وتشييد الطريق الدائري الإقليمي على محلمة وطنية لم تنتهي عند الإنفاقات والجهود الضخمة بل تعويض ملاك العقارات التي جرى إزالتها في أعمال التوسعة بدفعات مبدئية بلغت نحو 500 مليون جنيه، من أجل دعم دور وسائل النقل في تحقيق خطط التنمية المستدامة.
ودعمت الدولة، الطريق الدائري بتطبيق منظومة النقل الذكي المعروفة باسم “ITS” بنسبة تنفيذ بلغت 18%، ليصبح من أوائل الطرق المصرية المدعومة بهذا النظام العصري، فضلاً عن استخدام أحدث وسائل الإنارة التي بلغت نسبة تنفيذها بحو 75% من كامل الطريق، وفقاً لوزارة النقل.
وتسهم منظومة النقل الذكي في رفع مستوى الأمان على الطرق، عبر استخدام الذكاء الاصطناعي وأحدث أجهزة المراقبة والحساسات والرادارات والموازين، حيث جرى تطبيق هذه المنظومة على 6 طرق تبلغ أطوالها مجتمعة نحو 1079 كيلومتر كمرحلة أولى، بينما تشتمل المرحلة الثانية على 15 طريقاً بطول 5195 كيلومتر، متضمنة طرق: “شبرا – بنها الحر، والقاهرة – الإسماعيلية الصحراوي، والطريق الدائري حول القاهرة الذي من المنتظر أن يصبح بـ7 حارات”.
تعاظم محاور النيل
اشتملت شبكة الطرق الجديدة على بناء جسور ومحاور النيل لربط شرق مصر بغربها عبر بناء 21 محوراً جديدا على النهر الخالد، ليرتفع إجمالي كباري ومحاور النيل من 38 إلى 59 محوراً وكوبرى، تسهم في نشر العمران على كامل الرقعة الجغرافية المصرية، ونقل التنمية من الوادي النيلي الضيق إلى سعة الدولة الخضراء وطموحات النماء.
وتعد محافظات الصعيد من أكثر المناطق استفادة من محاور النيل بواقع 14 كوبري ومحوراً تنوياً جديداً، ومنها: “شمال الأقصر، بديل خزان أسوان، دارو، الفشن، دشنا، منفلوط، سمنود، أبوغالب، دار السلام، القطا، المراوغة، أبوتيج/ طنوب” بتكلفة مبدئية تبلغ أكثر من 20 مليار جنيه وتتناسب طردياً مع ارتفاع الأسعار والتضخم العالمي، إذ لم يعد المواطن مضطراً للسفر 150 كيلومتر ليعثر على كوبري عبور للنيل، الأمر الذي يقلص من الوقت والجهد واستهلاك الوقود، مع سيولة نقل السلع الخدمات والمحاصيل والخضروات، ما يعني أن هذه المحاور لم تأت فقط كجسور للعبور بل كحلول جذرية لكثير من التحديات.
وفي هذا السياق، قال استشاري الطرق والكباري الدكتور عماد نبيل: “إن سبب إنشاء الكباري هو تحويل التقاطعات المباشرة وخاصة على الطرق السريعة إلى تقاطعات علوية، والتي تساهم في تخفيف الحوادث، والتي ساهمت بالفعل إلي تخفيفها بنسبة 44 %، وخفض نسبة الموتى والجرحى بنسبة 50%، وخفض نسبة التلوث إلي 19 % لأنه تم تخفيف نسبة انتظار المركبات وتخفيض نسبة الرحلات إلي 25%”.
وأضاف خبير الطرق: “المشروع القومي لتطوير الموانئ ساهم بشكل كبير في زيادة الحركة وعبور السفن والموانئ بشكل أسرع في جميع الموانئ، لافتا إلي أن أهمية إنشاء الطرق هو الوصول إلي الأماكن غير المجهولة والتي يصعب الوصول إليها من شرق العوينات وأبو سنبل والوادي الجديد وغيرها من الأماكن والمشاريع التي كان يصعب الوصول إليها في السابق”.
وهكذا.. تكون مصر قد سطرت إحدى أكثر مجازاتها في العصر الحديث، بتطوير نموذج وطني فائق الحداثة لشرايينها التنموية الجديدة لتصبح شاهدة على عصر جديد تبسط فيه المحروسة أياديها وتنميتها في كل شبر فيها لتسير على درب يليق بها وبمن يسير على أرض السلام وقلب العرب، وللقصة أسطر لم تُخط بعد.