تحقيقات وحواراتسلايدر

الذكاء الاصطناعي.. ومستقبل البشرية والعالم

محمد عبدالواحد الزيات

في عالم أصغر بمليار مرة من مقاييسنا، حيث الآلات فيه ليست تروساً أو هياكل حديدية، بل أنظمة تشبه البشر، وقادرة على إيجاد الحلول، ففي هذا العالم يندمج الإنسان والآلة، ويولد البشر الخارقون، وتتوفر الشرائح الدماغية والأكباد الصناعية والأعضاء البشرية المُهندسة، إنه عصر  «الذكاء الاصطناعي».

في هذا العالم الجديد، بات من السهل الحديث والتواصل مع مرآة المنزل والسيارة والتفاعل مع الأجهزة الشخصية، بينما ربوتات الأم الحنونة ترعى الأطفال في غياب الوالدين، لكن هذه العالم القادم من المستقبل يشتمل في الوقت ذاته على أخطر ما يهدد أمن البشر وما يمكن أن يشّل الحياة على الأرض من مخاطر رقمية وسيبرانية كفيلة بأن تدمر العالم.

 يتشكل عصر  «الذكاء الاصطناعي»، من قوى غير ملموسة تُحرك أخرى ملموسة؛ لتوجد واقعاً جديداً للحياة على الأرض، لا سيما إنترنت الأشياء، والروبوتات، والـ بلوك تشاين Block chain، والواقع الافتراضي، والشبكة العصبية الاصطناعية، والبيانات الضخمة،

وتتعدّد تقنيات الذكاء الاصطناعي بيمنا المُشغل واحد، وهو ذكاء تكنولوجي بث الحياة في الآلات ، ومنحها خصائص التفكير وربما الابتكار، لاسيما تسويق رقمي يتوقع سلوكيات المُستهلكين وسيارات وطائرات ذاتية القيادة وتحكم كامل بالمنازل والشركات عن بُعد، وزرع بطاريات بجسم الإنسان لتنظيم نبضات القلب.

ومع التطور الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، استقبل العالم نحو مليار جهاز عالمياً يعمل بـ«إنترنت الأشياء»، ومن المتوقع وصول عددها إلى 75 مليار جهاز بحلول 2026م، في صناعة تبلغ نحو 457 مليار دولار أصبحت تتداخل في كل شيء مُحيط بالإنسان.

ومن ذكاء إنترنت الأشياء إلى ذكاء التعزيز البشري، امتزج جسد الإنسان بمخرجات التكنولوجيا، فبشريحة إلكترونية يتم غرسها بأدمغة البشر، أصبح بالإمكان رفع معدلات الذكاء بشكل خارق، وعلاج أمراض مُستعصية كالشلل من خلال استخدام المريض للجوال بعقله عبر جهازه العصبي دون الحاجة لاستخدام أصابعه وبشكل أسرع من الأصحاء

كما توصل التعزيز البشري إلى خلايا تنفس مهندسة جينياً لحمل أوكسجين أكثر بـ200 مرة من خلايا الدم الحمراء الطبيعية، بجانب الكبد الصناعي الخارق أو «سوبر كبد» الذي سينتج بروتينات أساسية للجسم أعلى من قدرة الكبد الطبيعي، فضلاً عن علاج الشيخوخة بخلايا جذعية مُعدلة جينياً، وعلاج الأمراض السرطانية بروبوتات موجهة أصغر من حجم النملة تلتهم الخلايا الخبيثة

وأكثر من ذلك..هندسة جينية لعظام أكثر صلابة في مواجهة الحوادث، واختيار نوع الجنين ولون شعره وعينيه، وتنقيته من جينات الأمراض الوراثية والسرطانية، في صناعة عالمية جديدة قُدرت بـ 90 مليار دولار عام 2020م، وستصل إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2027م,

وحين يتعمق الذكاء الاصطناعي لدرجة أعمق من الميكروسكوب، تحضر تقنية النانو وهي وحدة قياس تبلغ واحد من مليار من المتر، فعلى سبيل المثال يبلغ حجم رأس القلم مليون نانو متر، في حين يبلغ سُمك الورقة نحو 100 ألف نانو متر، وسُمك شعرة واحدة برأس الإنسان يبلغ نحو 75 ألف نانومتر.

وجاء نتيجة التصغير الذي لا يتوقف، متضمنة صناعة رقائق ومُنتجات مُتناهية الصغر كالترانزستور  بحجم 1 نانو متر  فقط أي أقل بـ 2000 مرة من حجم الخلية البشرية، فضلاً عن ذاكرات تخزين مُتناهية الصغر؛ مما ساهم في إحداث تطور هائل في صناعة الروبوتات  والشاشات القابلة للطي التي تعمل بأشباه الموصلات، وربما يصل الذكاء الاصطناعي إلى حدود غير مسبوقة في المستقبل.

على الرغم من التطور الهائل الذي أحدثه الذكاء الاصطناعي، إلا أنها لا يمنع حدوث مخاطر مُحتملة على المجتمعات

مثل تعديل جينات جيوش بشرية خارقة قادرة على سحق البشر العاديين في دقائق معدودة، أو إتاحة تقنيات التعزيز البشري للأثرياء فقط، بينما تزداد مخاطر عوالم الميتافيرس والإنترنت المظلم من حيث: الإرهاب الإلكتروني والحروب السيبرانية ذات الدوافع السياسية، واستهداف أنظمة الإدارة الصناعية والعسكرية، وعمليات الاحتيال التي تتصيد الأجهزة الشخصية، وانتحال الهويات بمطابقة الصور والأصوات والبيانات.

وقد شهد عام 2022 م، ، ارتفاعاً في الهجمات السيبرانية التي استهدفت إتلاف أو تعطيل أو اختراق أنظمة المعلومات الهامة عبر برامج التجسس والبرمجيات الخبيثة؛ فقد سجلت شركة «تريند مايكرو» الرائدة في حلول الأمن السيبراني 63 مليار تهديد في النصف الأول من عام 2022، استهدفت القطاعات الحكومية والتصنيعية والرعاية الصحية بفيروسات «الفدية» الخطيرة والمُدمرة.

كما سرق المتسللون ما لا يقل عن 3 مليارات دولار من العملات المشفرة بعام 2022م؛ الأمر الذي دفع الدول الكبرى إلى مزيد من الاستثمار في الأمن السيبراني، فمن المتوقع نمو حجم هذا السوق في الشرق الأوسط، من 20.3 مليار دولار في عام 2022 ، ، إلى 44.7 مليار دولار في عام 2027م، فيما نمت القوة العاملة بقطاع الأمن السيبراني بنحو 11.1%  عام 2022م، حيث يعمل بالقطاع حاليًا نحو 4.7 ملايين شخص.

ويتبقى السؤال الأبرز فيما يتعلف بعصر الذكاء الاصطناعي، هل البشر مستعدون لهذا العصر بفوائده ومخاطره»؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى