السجــائــر الإلـــكترونيــة.. المـــزاج بنكهة المــــوت !
«النواب»: غزو مُمنهج لتدمير الشباب بطرق خادعة
«شعبة الدواء»: تجارة مليارية تُسبب السرطان والجلطات القلبية والموت
فارس محمد
غالباً ما يبدأ الأمر بدخان بنكهة مُحببة بطعم الحلوى أو الفواكه أو القهوة.. ينجذب إليها المراهقون غير المُدخنين أو الأشخاص المُدخنين ممنْ يواجهوا تحدياً كبيراً عند التفكير في الإقلاع عنه، ويبحثوا عن خياراتٍ بديلة تُقربهم من تركه؛ فيصبح خيارهم هو التدخين الإلكتروني الذي يعتبره البعض وسيلة إقلاع وهمي، لكن الحقيقة أنه أكثر فتكا برئة وصحة الإنسان.
بتلك النكهة المُحببة، ثم إدمان يخفي وراءه تداعيات صحية وخيمة، اكتسب التدخين الإلكتروني شهرة واسعة خلال السنوات الماضية، حتى تحول إلى عادة سيئة في أوساط المراهقين والشباب الذين يرون في السيجارة الإلكترونية سمة عصرية بتقنيتها وألوانها ونكهاتها، ما أضاف لتاريخ السيجارة التقليدية متحوراً جديداً منذ أن أوجد الهنود الحمر هذه العادة بسجائرهم البدائية، قبل أن ينقلها عنهم الرحالة كريستوفر كولومبوس، بعد اكتشافه للأمريكتين، فسرعان ما نُفخ الدخان في أوروبا؛ حتى استنشقه الفرنسيون؛ ليبدأ العالم مأساته مع التدخين الذي لم ينجوا من إدمانه سياسيون وعلماء وفنانون حول العالم.
أخطار صحية
مع تزايد أعداد المدخنين حول العالم، ظهرت تداعيات صحية مُرعبة لهذه الظاهرة، مصحوبة بأمراض فتاكة؛ ما دفع بعض الشركات نحو إيجاد بديل للتدخين بشعارات تدعو للتخفيف من أضراره لكنها في باطن الأمر تبحث عن عالمٍ موازٍ من الأرباح، حتى راجت فكرة «التدخين الإلكتروني» منذ العام 2003م، مصحوبة باقتصاد جديد لمنتجيها تحت شعار: “عليكم بالسيجارة الإلكترونية”،،، “إنها أقل ضرراً من التقليدية”.
وتُعد السجائر الإلكترونية، أداة لاستنشاق النيكوتين السائل بعد تسخينه وتحوله إلى بخار، حيث تحتوي على بطارية تنفث بخار الماء مصحوباً بالنيكوتين، وتأتي بنكهات مُحببة من القهوة والحلوى إلى الفواكه، حيث يعتبرها البعض بديل عن التبغ الطبيعي؛ ما أدى إلى تفشي أعداد مدخنيها وصولاً لأكثر من 55 مليون مستخدم عالمياً.
واصطدمت المزاعم التي يرددها أنصار السجائر الإلكترونية بالعديد من الدراسات العلمية التي صدرت مؤخراً، للتحذير من خطر هذه السجائر، وما تحمله من طيف واسع من الآثار الصحية الوخيمة، ومنها: “إضعاف الشعب الهوائية، وأمراض الربو، والالتهاب الرؤي المزمن، والسكتة الدماغية”، أما في حالة صغار السن ، فتتسب في تمزق أغشية الرئة وفشلها ومن ثم الوفاة، وفقاً لـ منظمة الصحة العالمية، التي حذرت كذلك من سُمية منتجات التبغ المُسخنة، مؤكدة أنها تحتوي على مواد مُسرطنة.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، تسببت السجائر الإلكترونية، في ظهور مرض تنفسي غامض عام 2019م، أدى لوفاة العشرات، كما توصلت دراسة لجامعة «بيتسبرج» الأمريكية إلى أن التدخين الإلكتروني يعد بوابة عبور لإدمان التدخين التقليدي؛ لذا أقدمت 32 دولة على حظر منتجات النيكوتين الإلكترونية كلياً، فيما حظرتها 79 دولة أخرى في الأماكن العامة، لمواجهة آفة العصر بغمامتها السوداء التي تبث سمومها في كل مدخن حتى تنخر في أعضاءه ليهوى إلى الموت البطيء.
كارثة مجتمعية
في بحثها عن مدى خطر التدخين الإلكتروني على المجتمع، التقت “المصرية” بعضوة لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب الدكتورة عبله الألفي، والتي حذرت من انتشار السجائر الإلكترونية بشكل كبير بين الأطفال أقل من 18 عاماً، مؤكدة أنها أصبحت كارثة حقيقة على المجتمع، وصحة الأطفال والحوامل والمرضعات.
وأشارت د.عبلة، إلى وجود مصالح معينة تؤدي إلى انتشار السجائر الإلكترونية والتبغ المُسخن والفيب بين الشباب في غزو مُمنهج لتدمير الشباب المصري بهذه الأسلحة الخادعة لهم من خلال الأطعمة الجذابة، مطالبه بمنع الدعاية لهذه الأنواع من السجائر سواء في المولات التجارية والمحلات، ومحاربتها بتوعية الشباب والأهالي ومنع دخولها المدارس.
وحول دور مجلس النواب، في مكافحة ظاهرة التدخين الإلكتروني، أكدت عضوة لجنة الشؤون الصحية، أن المجلس يعي لهذه الظاهر، وأنه قد أطلق العديد من الحملات للتوعية بهذا الأمر والمطالبة بأن تكون هناك وقفه حقيقة .
تجارة بصحة المواطنين
ومن جانبه، قال رئيس شعبة الدواء في الغرف التجارية الدكتور على عوف، إن “الفيب” أو ما يستخدمه كثير من الشباب وهو عبارة عن سيجارة إلكترونية منزوعة منها التبغ ولكن بها محلول نيكوتين وبعض المواد الكيميائية مُضاف إليها طعم أو نكهة، ويعتمد عليها بعض الشباب اعتقاداً منهم أنها تساعدهم على الإقلاع عن التدخين، ولكن في الواقع أنها استخدمت عكس المتوقع”.
وحذر “عوف”، من أن السجائر الإلكترونية تحمل أضراراً كثيرة، ولا تقل خطورتها عن السجائر العادية، موضجاً أنها تسبب السرطانات وتؤذي الجسم كما تعد واحده من أكثر الأشياء التي تسبب الجلطة القلبية، لما يحمله من الكثير من النيكوتين، ما يؤثر بشكل كبير على معدل نبضات القلب.
وأضاف رئيس شعبة الدواء بالغرف التجارية: “أنواع السجائر الإلكترونية المُنتشرة خلال الفترة الماضية من الفواكه، هي نوع من أنواع الدعاية لجذب الشركات وهي شركات مليارية تتربح من صحة المواطنين، وأصبحت تجارة وبزنس كبير يتخطى المليارات”.