أدهم عثمان
في عالم مليء بالقصص الإنسانية المؤثرة، تبرز قصة “هاتشيكو” كواحدة من أشهر قصص الوفاء في التاريخ، لتُذكّرنا بمعنى الإخلاص الحقيقي، حيث تحوّلت هذه القصة إلى فيلم رائع من بطولة الممثل القدير ريتشارد جير عام 2009، حاملةً في طياتها الكثير من القيم الإنسانية النبيلة، لتحكي لنا عن كلب كان رمزًا للوفاء والتضحية.
في عام 1923، وجد المواطن الياباني إيزابورو كلبًا صغيرًا في صندوق داخل عربة قطار كان يستقله يوميًا للذهاب إلى عمله.
كان الكلب، الذي أطلق عليه اسم “هاتشيكو”، مجرد جرو صغير في ذلك الوقت، قرر إيزابورو أخذه إلى منزله وتربيته كأحد أفراد عائلته.
كبر “هاتشيكو” مع مرور الأيام، وتكوّنت بينه وبين صاحبه علاقة حب استثنائية، كان الكلب يرافق إيزابورو إلى محطة القطار كل صباح، وينتظره هناك حتى عودته من العمل، بعد حوالي عشر ساعات، لم يكن “هاتشيكو” يدرك أن هذا الانتظار المستمر سيصبح جزءًا لا يتجزأ من حياته.
وفي أحد الأيام من عام 1925، كان للقدر رأي أخر وتوفي إيزابورو فجأة نتيجة أزمة قلبية أثناء عمله، ولم يعد أبدًا إلى منزله، رغم ذلك، استمر “هاتشيكو” في انتظار صاحبه في نفس المكان، على رصيف محطة القطار، لمدة عشر سنوات متتالية دون أن يتحرك من مكانه، حتى توفي هو الآخر في نهاية المطاف عام 1935.
تكريمًا لوفاء هذا الكلب، قامت الحكومة اليابانية بنصب تمثال له عند مدخل محطة “شيبوي” في اليابان، والذي لا يزال موجودًا حتى اليوم.
كما تم حفظ جثته المحنطة في المتحف الوطني للعلوم في طوكيو، كتعبير عن احترام وتقدير لقصته المؤثرة.
وهنا يظهر لنا أن “الوفاء” كلمة تعجز الجبال عن حمل معناها، وتتفوق بحبلها الطويل على كل المسافات، إنها تمثل العطاء، التضحية، الصدق، والإخلاص الذي لا يتزعزع، كما جسده “هاتشيكو” حتى آخر لحظاته..