تحقيقات وحواراتسلايدر

بعد قرار البرلمان الإيراني.. ماذا لو أغلق مضيق هرمز؟

 

محمد عبدالمقصود

تصاعدت حدة التوترات في منطقة الشرق الأوسط بعد إعلان البرلمان الإيراني موافقته على قرار يقضي بإغلاق مضيق هرمز، مع تفويض المجلس الأعلى للأمن القومي باتخاذ القرار النهائي، وذلك في أعقاب الهجوم الأمريكي الذي استهدف ثلاثة مواقع نووية إيرانية استراتيجية في فوردو ونطنز وأصفهان.

جاء القرار الإيراني كرد مباشر على ما وصفته طهران بـ”العدوان السافر”، بينما اعتبرته واشنطن “نجاحًا عسكريًا تاريخيًا” ضد البنية التحتية النووية الإيرانية، وبينما يتبادل الطرفان الاتهامات والتصعيدات، يلوح في الأفق خطر أزمة طاقة عالمية، قد تدفع بأسواق النفط والغاز إلى فوضى غير مسبوقة، في حال أقدمت طهران فعلاً على تنفيذ تهديدها بإغلاق المضيق.

 

مضيق استراتيجي.. شريان العالم النفطي

يُعد مضيق هرمز واحدًا من أهم الممرات البحرية في العالم، حيث يمر عبره نحو 20% من احتياجات العالم من النفط والغاز، وتشير البيانات العالمية إلى أن تدفقات النفط عبر المضيق تتراوح بين 17.8 إلى 20.8 مليون برميل يوميًا، ما يجعله نقطة عبور حيوية للطاقة العالمية، خصوصًا بالنسبة لدول الخليج العربية، مثل السعودية والإمارات والكويت والعراق وقطر.

كما تعتمد قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال عالميًا، بشكل كامل تقريبًا على المضيق لنقل إنتاجها إلى الأسواق العالمية، خاصة في آسيا.

 

تاريخ من التوترات البحرية

المنطقة ليست غريبة على التوترات المرتبطة بمضيق هرمز، فمنذ حرب الناقلات خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، إلى تهديدات إيران المتكررة في أعقاب العقوبات الغربية عام 2012، ظل المضيق مركزًا لصراعات النفوذ، في السنوات الأخيرة، احتجزت إيران عدة سفن في المنطقة ردًا على تحركات أميركية وأوروبية ضد صادراتها النفطية.

إغلاق المضيق قد يشعل أزمة طاقة عالمية غير مسبوقة، مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قد تتجاوز ما شهده العالم في أزمات سابقة، مثل أزمة 2011 حين تجاوز سعر برميل برنت 125 دولارًا بسبب تهديد مشابه.

 الدول الآسيوية ستكون في مقدمة المتضررين، بينما ستواجه أوروبا أزمة غاز خانقة بسبب محدودية البدائل المتاحة.

التأثير لن يكون مقتصرًا على الطاقة فقط، بل سيمتد إلى قطاع الشحن البحري، وأسواق التأمين، وسلاسل الإمداد العالمية، مما يخلق حالة من الفوضى الاقتصادية قد تتطلب تحركًا دوليًا سريعًا.

 

خطر المواجهة العسكرية

من الناحية الجيوسياسية، يُعتبر إغلاق مضيق هرمز بمثابة إعلان صراع مباشر مع القوى الغربية. الأسطول الأميركي الخامس المتمركز في البحرين، إضافة إلى القواعد الأميركية المنتشرة في الخليج، ستكون في مرمى الصواريخ الإيرانية، مما ينذر باحتمالية اندلاع مواجهة عسكرية واسعة.

ويرى محللون أن خطوة كهذه قد تدفع الولايات المتحدة، وربما حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى التدخل العسكري المباشر بحجة حماية حرية الملاحة الدولية، وهو ما قد يؤدي إلى تفجر نزاع إقليمي واسع.

 

إيران في مفترق طرق

حتى اللحظة، لم يصدر عن المرشد الأعلى الإيراني أي تصريح مباشر بهذا الشأن، فيما تتصاعد الدعوات داخل إيران لاتخاذ مواقف أكثر حدة، ومع ذلك، يرى خبراء أن إيران تدرك أن خطوة إغلاق المضيق ستقودها إلى عزلة دولية أشد وعقوبات خانقة، وربما مواجهة عسكرية قد تكون طهران في غنى عنها.

العالم اليوم يترقب بحذر، في ظل مشهد إقليمي ودولي بالغ التعقيد، والخشية الأكبر أن تتحول التهديدات السياسية إلى أفعال تفتح أبواب المجهول أمام الاقتصاد العالمي والأمن الإقليمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى