حرب غزة قد تحدد هوية الرئيس الأمريكي القادم..ما القصة
كتب- سارة جمعة
بعد الدعوات المتزايدة لتنحيه عن السباق الرئاسي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان جو بايدن سيظل مرشح الديمقراطيين لمنصب الرئيس أم لا.
ورغم ذلك، يظل السباق الرئاسي متجمدًا في مكانه، فالرئيس السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترامب ظل متقدمًا في استطلاعات الرأي الوطنية بفارق 3 نقاط (47% مقابل 44%) وثابتًا عند ذلك التقدم بشكل ملحوظ لعدة أشهر، حتى بعد أداء جو بايدن الذي وصف بـ«الكارثي» في المناظرة الرئاسية، وما خلفته من غضب بين الديمقراطيين.
ومنذ نوفمبر الماضي، كان السباق محصورا في نطاق ضيق، حيث كان تقدم ترامب على بايدن باستمرار في نطاق يتراوح بين نقطة واحدة وأربع نقاط، وفقا لمتوسطات استطلاعات RealClearPolitics.
ورغم ذلك، فإنه في حال أقدم الديمقراطيون على استبدال بايدن بنائبته، كامالا هاريس، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه لن يكون هناك تحرك كبير؛ فترامب يتقدم على الأخيرة بثلاث نقاط (48% مقابل 45%)، وهو نفس المعدل مقارنة ببايدن.
بعبارة أخرى، فإن المناظرة ــ والأشهر الثمانية عشر الأخيرة من الحملات الانتخابية ــ لم تفعل الكثير لتغيير استطلاعات الرأي الوطنية في سباق عالق، بحسب صحيفة «ذا هيل» الأمريكية، التي أرجعت ذلك إلى حقيقة مفادها أن بايدن وترامب معروفان جيدا، وأن الولايات المتحدة مستقطبة بشكل غير عادي.
لكن ما الذي قد يؤدي إلى تحول حاسم لصالح بايدن أو ترامب؟
الإجابة تتمثل في حدث خارجي، أو كما يُعرف بـ«مفاجأة أكتوبر»، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه لتحقيق هذه الغاية، ونظرا لأن نقاط القوة والضعف لدى بايدن وترامب مألوفة لدى الناخبين، فمن المرجح أن تأتي المفاجأة المحورية في أكتوبر في شكل تطور في السياسة الخارجية يساعد بايدن أو يضر به بشكل كبير.
فبالنسبة لبايدن، فإن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنه من خلالها تغيير الوضع، حيث يتقدم في استطلاع واحد فقط من أحدث 13 استطلاعًا رئيسيًا.
ويبدو أن بايدن يدرك أن مفاجأة أكتوبر، إذا تم التعامل معها بشكل جيد، ستكون حاسمة، فخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الخميس في ختام قمة حلف شمال الأطلسي، أمضى الرئيس الأمريكي الكثير من الوقت في الحديث عن السياسة الخارجية، تمهيدا لتحقيق اختراق إما في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط.
أزمة جيوسياسية
كل هذا يعني أنه في حالة حدوث أزمة جيوسياسية كبرى، فإن بايدن سيلعب دورا كبيرا، وإذا ارتقى إلى مستوى الحدث، فسوف يكون ذلك أكثر فعالية في معالجة المخاوف بشأن لياقته البدنية من أي مؤتمر صحفي أو تجمع انتخابي على الإطلاق.
وعلى العكس من ذلك، فإنه إذا شعر الأمريكيون بأن «ضعف بايدن الملحوظ أدى إلى زيادة الفوضى الجيوسياسية، فقد يكون هذا هو المسمار الأخير في نعش حملته».
هل هناك أمثلة سابقة على مفاجأة أكتوبر؟
تقول «ذا هيل»، إن أول «مفاجأة أكتوبر» كانت قبل أكثر من ستة عقود؛ ففي أكتوبر/تشرين الأول 1962، نجح الرئيس السابق جون ف. كينيدي بأعجوبة في تجنب ما كان يمكن أن يكون محرقة نووية من خلال تفكيك أزمة الصواريخ الكوبية، الأمر الذي أعطى الديمقراطيين الزخم اللازم قبل انتخابات التجديد النصفي في ذلك العام.
لكن من الصعب في كثير من الأحيان تحديد ما إذا كانت «مفاجأة أكتوبر تشكل نقطة تحول حقيقية أم لا، فعادة ما يكون من غير الواضح كيف سيتفاعل الناخبون، بغض النظر عن طبيعة الحدث».
ومن الجدير بالذكر أن انتخابات عامي 2016 و2020 شهدت أحداثاً كان من الممكن اعتبارها جميعها «مفاجآت أكتوبر»، ومع ذلك فإن حدثاً واحداً فقط يعتبر هو الذي أثر على الانتخابات.
فشهر أكتوبر/تشرين الأول 2016 شهد حدثين مفاجئين في غضون أيام قليلة، مع إصدار شريط Access Hollywood سيئ السمعة والذي يظهر فيه الرئيس السابق دونالد ترامب، ثم في نهاية الشهر – قبل 11 يومًا من الانتخابات – أبلغ مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك جيمس كومي الكونغرس أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان يحقق مرة أخرى في استخدام هيلاري كلينتون لخادم بريد إلكتروني خاص.
وكما أشار موقع FiveThirtyEight بعد فترة وجيزة من انتخابات عام 2016، كانت كلينتون متقدمة على ترامب بفارق كبير بلغ ست نقاط. وفي غضون أسبوع من نشر الرسالة، تقلص تقدمها إلى النصف. وفي «الولاية المتأرجحة المتوسطة»، تراجع تقدم كلينتون من نحو خمس نقاط إلى أقل من نقطتين في نفس الفترة.
وفي الوقت نفسه، تم تهميش شريط Access Hollywood – والذي ربما كان من المفترض أن يشكل المفاجأة الحاسمة – إلى الخلفية.
وعلى نحو مماثل، في عام 2020، كانت حملة ترامب تأمل بالتأكيد أن تكون الاكتشافات المحيطة بجهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بهانتر بايدن، بمثابة الصدمة الحاسمة عندما اندلعت القصة في أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام، لكن هذا لم يحدث أي فرق في النهاية.
ففي ظل السباق الحالي، يبدو أن ترامب هو المرشح المفضل. وحتى لو أظهرت استطلاعات الرأي الوطنية أن السباق لم يشهد أي تحرك يذكر، فإن استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة تؤكد هذا الاستنتاج.
ومع ذلك، لا يزال أمام الأمريكيين أربعة أشهر تقريبا قبل أن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع، وهي مدة زمنية كبيرة في عالم السياسة، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه في حين أنه لا يوجد ما يضمن حدوث مفاجأة أكتوبر/تشرين الأول، فقد أظهر التاريخ أنه خلال الأشهر الأخيرة من الحملة الرئاسية، لا يمكن التقليل من قدرة شاغلي المناصب على تشكيل تصورات الرأي العام الأمريكي عن أنفسهم، وقدرتهم على إدارة الأحداث المهمة.