حريق سنترال رمسيس.. مصرع 4 مهندسين وانقطاع واسع في خدمات الاتصالات
علا عواد
شهد شارع الجلاء بوسط القاهرة، مساء الإثنين، حادثًا مروعًا إثر اندلاع حريق ضخم في سنترال رمسيس، أحد أهم المراكز الحيوية في البنية التحتية للاتصالات بمصر، مما أسفر عن وفاة 4 موظفين وإصابة العشرات، بالإضافة إلى تعطل واسع في خدمات الهاتف الأرضي، الإنترنت، وخدمات الدفع الإلكتروني.
الحريق يلتهم الطابق السابع
وفقًا لمصادر أمنية، اندلع الحريق داخل غرفة أجهزة رئيسية بالطابق السابع من المبنى المكوّن من 10 طوابق، وامتدت ألسنة اللهب بسرعة، لتلتهم محتويات الطابق وتُحدث أضرارًا جسيمة في وحدات التوصيل والكابلات الأرضية.
وصل فريق الحماية المدنية إلى الموقع خلال دقائق، وتم الدفع بعدد كبير من سيارات الإطفاء والإسعاف، فيما جرى فصل التيار الكهربائي بالكامل عن السنترال في محاولة للسيطرة على الحريق ومنع امتداده إلى الطوابق المجاورة.
الضحايا والمصابون
أعلنت وزارة الصحة نقل 27 مصابًا إلى مستشفيات الدمرداش، القبطي، صيدناوي، الهلال، والمنيرة، معظمهم يعانون من اختناقات بسبب الدخان الكثيف.
كما تم العثور على 4 جثامين داخل مكاتبهم في الطابق السابع، وهم من موظفي الشركة المصرية للاتصالات، وتبيّن من التحريات أن الضحايا ظلوا عالقين أثناء محاولاتهم إنقاذ الأجهزة، ما أدى إلى اختناقهم.
ومن جانبها، نعت الشركة المصرية للاتصالات الضحايا، مؤكدة أنهم “لقوا حتفهم أثناء أداء واجبهم في الحفاظ على استمرارية الخدمة”.
توقف الخدمات وانعكاساته
تسبب الحريق في انقطاع واسع النطاق في خدمات الاتصالات داخل القاهرة وعدد من المحافظات. وشملت الأعطال: الهاتف الأرضي والإنترنت، كما شملت أنظمة الدفع الإلكتروني مثل «فوري» و«إنستاباي»، وخدمات المحافظ الإلكترونية مثل «فودافون كاش»، وسبب بطئًا شديدًا في ماكينات الصراف الآلي ونقاط البيع.
كما سبب أيضا اضطرابات محدودة أثّرت على تعاملات البورصة المصرية، التي علّقت جلسة الثلاثاء احترازيًا.
وزير الاتصالات: نعمل على إعادة الخدمة بالكامل
في تصريحات من موقع الحريق، قال الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن الوزارة سارعت باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان استمرارية الشبكة، عبر تحويل الحركة إلى سنترالات بديلة مثل سنترال الروضة ومراكز في القرية الذكية.
وأوضح طلعت: “السنترال المتضرر يُعد من المراكز المحورية، لكنه ليس الوحيد الذي تعتمد عليه الشبكة. لدينا بنية احتياطية قوية سمحت لنا بامتصاص الصدمة وإعادة توزيع الأحمال”.
وأكد أن الخدمات ستبدأ في العودة تدريجيًا خلال 24 ساعة، بفضل خطط الطوارئ الموضوعة مسبقًا، مشددًا على أن فرق الدعم الفني تعمل على مدار الساعة لضمان عودة الخدمات بالكامل في أسرع وقت ممكن.
وفيما يخص الضحايا، عبّر الوزير عن خالص تعازيه لأسر الموظفين الأربعة الذين لقوا مصرعهم خلال تأدية عملهم، مشيرًا إلى أن الوزارة ستقدم الدعم الكامل لهم، وتقوم بتكريمهم لما قدموه من تضحيات.
كما وجّه بسرعة توفير الرعاية الطبية للمصابين، وأكد أن هناك تنسيقًا بين الوزارة والأجهزة الأمنية والمعمل الجنائي لتحديد أسباب الحريق بدقة.
وأضاف طلعت: “ما حدث حادث مؤلم، لكن لدينا فرق طوارئ مدربة وخطط بديلة فعّالة ضمنت ألا تتوقف الخدمة بالكامل، ونعمل على تعافي الشبكة بنسبة 100% في أقرب وقت”.
التحقيقات والمتابعة
أفادت التحقيقات الأولية بأن ماسًّا كهربائيًّا قد يكون السبب وراء اندلاع الحريق، إلا أن المعمل الجنائي لا يزال يجري فحصًا دقيقًا لموقع الحادث.
فيما أمر النائب العام بفتح تحقيق موسّع، وأعلنت لجنة الاتصالات بمجلس النواب عقد جلسة طارئة لمتابعة أبعاد الحادث ومراجعة إجراءات الأمان بالمباني الحيوية التابعة للدولة.
أهمية سنترال رمسيس
يُعد سنترال رمسيس من أقدم وأهم مراكز الاتصالات في مصر، حيث أُنشئ عام 1927، ويعمل كمركز رئيسي لربط المكالمات الداخلية والدولية، إلى جانب دوره في ربط الكابلات البحرية وأنظمة الإنترنت بين القاهرة والمحافظات.
عودة تدريجية للحياة الرقمية
في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، بدأت بعض الخدمات تعود تدريجيًا، بعد نجاح مهندسي الشبكات في توجيه الحركة إلى بدائل مؤقتة.
وأكدت وزارة الاتصالات استمرار العمل حتى استعادة البنية التحتية بالكامل، وسط مراقبة حثيثة من الجهات التنفيذية والتنظيمية في الدولة.