رحلة في التاريخسلايدر

«في ذكرى وفاة شهبندر التجار» ما لا تعرفه عن الحاج محمود العربي أشهر تجار الوطن العربي «فيديو»

أدهم عثمان

“أنا معرفش بقيت كده إزاي، مش شطارة مني ولا حاجة، هو ربنا اللي عمل كل ده”.. تعتبر هذه الجملة من أشهر مقولات الحاج محمود العربي صاحب أسطورة «العربي جروب»، والذي بدأ حياته بعمر الـ 5 سنوات، ببيع بلالين والعاب على المصطبة أمام منزل أسرته الفقيرة، التي ألحقته بكُتاب القرية ليحفظ كتاب الله، واللي علمه الصدق والأمانة والفرق بين الحلال والحرام، فكانت أساس سمعته التي اشتهر بها طول حياته على مدار 88 سنة، وانتهت وهو رائد من رواد الصناعة والتجارة في مصر.

ولد محمود العربي، سنة 1932، في أسرة ريفية فقيرة في قرية “أبورقبة” بمركز “أشمون” في محافظة المنوفية، توفى والده وهو 10 سنين، حينها سافر القاهرة، ليعمل هناك بائعا في محل أدوات مكتبية، وسنة 1954 دخل الجيش لمدة 3 سنوات، ليخرج بعدها ويبدأ حياته العملية بشكل حقيقي.

بدأت رحلته مع التجارة وهو 5 سنواو، وكان ذلك بالتعاون مع أخوه الكبير، الذي كان يعمل في القاهرة، وكان يوفر 30 أو 40 قرشا كل سنة، ليقدمهم لأخيه ليحضر له بضاعة من القاهرة قبل عيد الفطر، وكانت بضاعته عبارة عن بومب وصواريخ وبلالين، ويضعها عـ “المصطبة” أما منزلهم ليبيعها لأصحابه وجيرانه ويكسب فيها حوالي 15 قرشا، بعدها يقدم حصيله تجارته لأخيه مرة أخرى ليحضر له بضاعة أكثر لعيد الأضحى.

وصار على هذا النظام حتى أصبح 10 سنوات، وسافر القاهرة ليعمل في مصنع عطور، سنة 1942، وعمل به لمدة شهر واحد وبعدها تركه لأنه لا يحب الأماكن المغلقة والعمل الروتيني.

ثم عمل في محل بحي الحسين، وكان راتبه آنذاك 120 قرشا في الشهر، واستمر في هذا المحل حتى سنة 1949 ووصل راتبه نحو 320 قرشا.

بعدها عمل في “محل جملة عشان ليكتسب خبرة أكبر في مجال التجارة، وكان أول مرتب له هناك 4 جنيهات، وعمل هناك لمدة 15 سنة، إلى أن وصل مرتبه لـ 27 جنيها، وكان مبلغا كبيرا وقتها، وهو الذي ساعده على تكاليف الجواز.

وسنة 1963، وقف وقفة مع نفسه وقرر يتاجر لحسابه، لكن لم يكن معه ما يبدأ به وقتها، ففكر هو وزمائلن في العمل، أنهم يتشاركون مع واحد مقتدر، هم بالمجهود والخبرة وهو بالفلوس ورأس المال، وتكلف وقتها المشروع 5000 جنيه، وأصبح عنده أول محل في منطقة “الموسكي” ، ولا يزال قائما حتى الآن.

وبعد 3 أيام من افتتاح المحل صاحبه وشريكه أصيب بمرض واستمر لمدة سنتين، وخلال تلك الفترة كان العربي قائما بالعمل لوحده، وحقق المحل أكتر من أرباح 10 محلات مع بعض، بسبب الأمانة التي كان يتعامل بها مع الزباين كلهم لوجه الله تعالى، وكان يريل لشريكه فلوسه بالأرباح كإنه موجود بالضبط.

وفي نص السبعينات قرر يحول تجارته كلها للأجهزة الكهربائية، مع بداية سياسة “الانفتاح الاقتصادي”، واستطاع أن يحصل على توكيل حصري لشركة يابانية متخصصة في هذا المجال.

وسنة 1975، قرر يزور اليابان بنفسه، وشاهد مصانع الشركة التي أخذت توكيلها هناك، وطلب من المسؤولين أن يعمل مصنعا لتصنيع الأجهزة الكهربائية في مصر، وعمل ذلك بالفعل ووافقوا على طلبه بأز يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% وبعدها 60% وبعدها 65% حتى وصلت لـ 95%.

ومع تطور الإنتاج قرر محمود العربي أن يؤسس شركة “توشيبا العربي” سنة 1978 التي استمرت حتى الآن، وكان هدفه الأساسي إنه يشغل 1000 موظف جديد كل سنة، لأنه حينما بدأ كان معاه شخص واحد فقط، وقال آذناك جملة شهيرة جدا: «دول مش شغالين عندي لا سمح الله ، لأن الحقيقة أنهم بيشتغلوا معايا وبشتغل معاهم، والحمد لله كل سنة بنزيد ألف كمان، وكل ما بنوسع في العمالة ربنا بيكرمنا، القصة مش فلوس، القصة تجارة مع الرازق الوهاب».

وفـ 9 سبتمبر 2021 كان الحاج محمود العربي أنهى رسالته في الدنيا، ورحل بكل هدوء وسلام، مشي وهو سايب أثر طيب وسيره حسنة نتذكره بها جميعا، وهو ان التجارة مع الله رابحة دائما، ولا حيلة فـ الرزق، ولا شفاعة فـ الموت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى