التعليمتحقيقات وحوارات

قانون التعليم يعود للواجهة.. حوار ساخن تحت قبة البرلمان والمجانية خط أحمر

 

يُعد الحفاظ على مجانية التعليم أحد الركائز الأساسية التي لا يمكن تجاوزها في أي عملية تطوير تشريعي لمنظومة التعليم في مصر، ومن هذا المنطلق، يرتكز مشروع تعديل قانون التعليم على مبدأ واضح وثابت، يتمثل في ضمان استمرار التعليم المجاني كحق دستوري مكفول لجميع المواطنين دون تمييز.

 ينطلق مشروع التعديل من رؤية شاملة تهدف إلى تحديث الإطار القانوني للتعليم، بما يعكس احتياجات العصر ومتغيراته، دون المساس بالثوابت الوطنية والاجتماعية. وفي صلب هذا التعديل، يأتي نظام شهادة البكالوريا المصرية، الذي يقدم تصورًا جديدًا للتقويم وفرص التحسين، مع الإبقاء على مجانية المحاولة الأولى وتقديم خيار تحسين للطالب الراغب، دون تحميله أي عبء مالي إذا كان من الفئات غير القادرة.

 إن هذا التوجه التشريعي لا يستهدف فرض أعباء جديدة على الأسرة المصرية، بل يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين تطوير السياسات التعليمية من جهة، وحماية الحقوق الاجتماعية من جهة أخرى، بما يعزز الإنصاف ويضمن استمرارية العدالة في فرص التعليم.

 وزير التربية والتعليم والتعليم الفني محمد عبد اللطيف أكد خلال الجلسة أن مجانية التعليم حق أصيل لا يقبل النقاش، وهي سياسة راسخة تنفذها الوزارة دون أي نية للتراجع، موضحًا أن نظام الثانوية العامة سيظل قائمًا كما هو، وأن نظام شهادة البكالوريا المصرية سيُطبّق مجانًا، باستثناء الرسوم المرتبطة بفرصة التحسين الاختيارية، التي ستُعفى منها الفئات غير القادرة.

 الوزير شدد أيضًا على أهمية توفير فرصة التحسين للطلاب الناجحين، حيث تتيح هذه الفرصة للطالب إعادة المحاولة في حال لم يُحقق النتيجة المرجوة، مما يُخفف من حدة الضغط النفسي الناتج عن امتحان الفرصة الواحدة، ويُعزز مبدأ العدالة التعليمية.

 وأشار الوزير إلى أن الوزارة أجرت حوارًا مجتمعيًا واسعًا شمل مختلف أطراف المنظومة التعليمية من خبراء، ونواب، وأولياء أمور، ومعلمين، وصحفيين، ما يعكس التزام الوزارة بالشفافية والاستماع لكل وجهات النظر قبل إقرار أي تعديل قانوني.

 وفي إطار تعزيز دور المعلم، أوضح الوزير أن مشروع القانون الجديد يتضمّن مادة تمنع إحالة المعلمين للمعاش قبل انتهاء العام الدراسي، تقديرًا لدورهم الحيوي في استقرار العملية التعليمية.

كما تناولت الجلسة مناقشة مواد القانون المتعلقة بالتعليم الثانوي التكنولوجي، والتي تهدف إلى دعم مدارس التكنولوجيا التطبيقية والتوسع بها باعتبارها ركيزة أساسية لمستقبل التعليم الفني في مصر.

 من جانبه، أكد الوزير أن المشروع لا يهدف إلى منح صلاحيات مطلقة لوزير التعليم، بل إن الوزارة منفتحة على كل المقترحات البرلمانية التي تسهم في التوصل إلى صيغة توافقية تُحقق الصالح العام.

 وخلال الجلسة، شدد الدكتور سامي هاشم رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي، على أن اللجنة تسعى لصياغة تشريعية تحقق توازنًا دقيقًا بين متطلبات الدولة وحقوق المواطنين، مؤكدًا أهمية التعاون المثمر بين البرلمان والحكومة في هذا الملف الحساس.

 يُعد مشروع تعديل قانون التعليم خطوة استراتيجية نحو بناء منظومة تعليمية حديثة ومتطورة، تستجيب للتحديات الراهنة، وتُرسخ حقوق الطلاب والمعلمين، في إطار من الشراكة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وبما يتماشى مع روح الدستور وأهداف التنمية الوطنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى