كيف تتصرف الأم عند إصابة جنينها بمتلازمة داون
دار الإفتاء توضح حكم إجهاض الجنين في هذه الحالة
رنا حسين
تعتبر متلازمة داون من أبرز المشاكل الصحية التي يتعرض لها الأطفال، وتتخوف العديد من الأمهات من خطر إصابة جنينها بمتلازمة البله المنغولي (داون)، وتبدأ في التساؤل “هل يمكنني إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون؟” ولذلك أولا يجب فهم أسباب الإصابة بهذه المتلازمة يولد معظم الناس ولديهم 46 كروموسومًا (مجموعات من الجينات) في نواة كل خلية تتكون الكروموسومات في أزواج مع 23 من الأم و 23 من الأب تحدث متلازمة داون عندما يحمل الطفل نسخة إضافية كاملة أو جزئية من أحد هذه الكروموسومات وبالأخص الكروموسوم 21، يغير هذا الكرموسوم الإضافي تطورَ الدماغ والجسم لدى الطفل؛ مما قد يسبب مشاكل عقلية وجسدية.
غالبًا لا يستطيع الناس التمييز بين أنواع متلازمة داون فبالرغم من أن السمات الجسدية والسلوكيات متشابهة، لكن هناك ثلاثة أنواع لهذه المتلازمة وهم:
التثلث الصبغي 21: يعاني حوالي 95٪ من المصابين بمتلازمة داون منه، وعلى عكس معظم الناس الذين يمتلكون نسختين من الكروموسوم 21 في كل خلية، فأولئك الذين لديهم تثلث الصبغي 21 لديهم ثلاث نسخ.
متلازمة داون الموزاييك(الفسيفساء): يصيب هذا النوع حوالي 2٪ من المصابين به، وبينما تحتوي بعض الخلايا على نسختين من الكروموسوم 21 كالعادة، فإن البعض الآخر يحتوي على نسخة ثالثة إضافية.
متلازمة داون: يمثل هذا النوع نسبة صغيرة من الأشخاص المصابين بمتلازمة داون (حوالي 3٪) ، ويحدث عند وجود جزء إضافي أو كروموسوم 21 إضافياً بالكامل، ولكنه مرتبط أو “متحول” إلى كروموسوم مختلف عوضا عن أن يكون كروموسومًا منفصلًا 21.
العوامل التي تؤثر في فرص إصابة جنينك بمتلازمة داون:
تعتبر متلازمة داون حالة وراثية وعلى الرغم من ذلك قد لا يكون لك أي تاريخ عائلي لها فيقول بعض الأطباء أنه في معظم الحالات ، يحدث الكروموسوم الإضافي بالصدفة ومع ذلك هناك عدة عوامل قد تزيد فرص إنجابك طفلاً مصاباً بمتلازمة داون وهي:
تأخر سن الأنجاب: تزيد فرص إنجاب المرأة لطفل مصاب بمتلازمة داون مع تقدم عمرها، لأن بويضات النساء الأكبر سنًا تكون أكثر عرضة للانقسام الصبغي غير الصحيح. ويكون ذلك بعد سن الـ 35، لذلك إذا كان عمرك أكثر من 35 عامًا وتفكرين في الحمل ، فقد ترغبين أنت وشريكك في الخضوع لاستشارة وراثية لتحديد المخاطر بدقة أكبر.
الجينات الوراثية: كون أحد الوالدين حاملاً للتبدل الصبغي الجيني لمتلازمة داون. يمكن لكلٍ من الرجال والنساء نقل التبدل الصبغي الجيني لمتلازمة داون لأطفالهم.
التاريخ الوراثي : الآباء الذين لديهم بالفعل طفل مصاب بمتلازمة داون يجعلهم ذلك أكثر عرضة لإنجاب طفل آخر مصاب بهذه المتلازمة، ويمكن أن يساعد استشاري الأمراض الوراثية الآباء والأمهات في تقييم خطر إنجاب طفل آخر مصاب بمتلازمة داون.
رأي الشرع في الإجهاض في هذه الحالة:
يمكن للأمهات معرفة احتمالية إصابة الجنين بمتلازمة داون في أثناء الحمل في بدايته من خلال عدة اختبارات فحص أولية واختبارات تشخيصية توضح للأم إذا كان الجنين مصاباً بمتلازمة داون أم لا.
في حالة تأكد الأم من إصابة الجنين بمتلازمة داون قد يتوارد إلى ذهنها إجهاضه وحينها يجب أن نذكر رأي دار الإفتاء في إجهاض الجنين المصاب بمتلازمة دون، وفي هذا الصدد فقد أكد المفتي الأستاذ الدكتور: شوقي إبراهيم علام مفتي الدار المصرية في الفتوى رقم 6048 أنه:
اتفق الفقهاءُ على أنَّه إذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا -وهي مدة نفخ الروح فيه- فإنه لا يجوز إسقاط الجنين، ويحرمُ الإجهاض قطعًا في هذه الحالة؛ لأنه يُعْتَبَرُ قتلًا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾ [الأنعام: 151]، ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الإسراء: 33].
أما إذا لم يبلغ عمر الجنين في بطن أمه مائةً وعشرين يومًا فقد اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض: فبعضهم قال بالحُرمة، وهو المُعتَمَد عند المالكية والظاهرية، وبعضهم قال بالكراهة مطلقًا، وهو رأي بعض المالكية، وبعضهم قال بالإباحة عند وجود العذر، وهو رأي بعض الأحناف والشافعية.
والراجح المختار للفتوى في ذلك أنه يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا، سواء قبل نفخ الروح أو بعده إلَّا لضرورةٍ شرعية؛ بأن يقرر الطبيبُ العدلُ الثقةُ أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطرٌ على حياتها أو صحتها، فحينئذٍ يجوز إسقاطه مراعاةً لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة.