مافيا الدروس الخصوصية ترعى استغلال الكتب الخارجية
الأسر تشكو الاستغلال.. والطلاب: لا نستوعب كتاب الوزارة
محمد الدسوقي وعلا عوض وسارة جمعة وعزة قناوي
في واقعة تكشف عن ضخامة سوق الكتب التعليمية الخارجية، ضبط أجهزة وزارة الداخلية قرابة 43 ألف كتاب تعليمي خارجي، وأغلفة لمراحل تعليمية مختلفة بدون تفويض داخل مكتبة واحدة في القاهرة.
تتبعت الشرطة طباعة مالك مطبعة، في دار السلام، الكتب التعليمية وأغلفة تحت التجهيز لمراحل تعليمية مختلفة بدون تفويض من أصحاب الحقوق المادية والأدبية أو تصريح، وداهمت المطبعة وعثرت على 42900 كتاب تعليمي خارجي.
أرخص كتاب خارجي يتجاوز الـ100 جنيه للمادة
ويتراوح سعر كتاب سلاح التلميذ للغة العربية في المرحلة الابتدائية، بين 115 جنيها و140 جنيها، أما كتاب المعاصر للغة العربية بالمرحلة التعليمية نفسها يبدأ من 115 جنيها إلى 125 جنيها، ووصل سعر كتاب الشاطر بالمادة ذاتها إلى 120 جنيها.
ويباع كتاب سلاح التلميذ من 100 جنيه إلى 130 جنيها، في الرياضيات، بينما سجل سعر كتاب المعاصر لمادة الرياضيات “إنجليزي” بـ 180 جنيها للصف الأول الابتدائي، في حين بلغ سعر كتاب سلاح التلميذ لمادة العلوم للصف الرابع الابتدائي 105 جنيهات، والمعاصر للغة الإنجليزية 120 جنيها لكونكت، و165 لكونكت بلس للصف الأول الابتدائي.
تربوي: الطالب يلجأ إلى الكتاب الخارجي لتعدد أساليب الشرح
وأرجع حسين إبراهيم، الخبير التربوي، لجوء الطالب إلي الكتاب الخارجي، لتعدد أساليب شرح الدرس الواحد بأكثر من طريقة، إضافة لاشتماله على تدريبات متنوعة لكل درس، على النقيض من الكتاب المدرسي، مشيرا إلى معاناة أولياء الأمور من حذف وتعديل المناهج كل عام لعدم الوضوح الرؤية، ما ينعكس على سير المنظومة التعليمية التي تعاني أصلا من كثافة الفصول والعجز في أعداد المدرسين واستيعاب الفصول للطلاب.
وقال إن طلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية يعتمدون قلبا وقالبا على الكتاب الخارجي في استيعاب المقررات الدراسية، مقارنة بطلاب المرحلة الثانوية الذين يعتمدون على ملازم الدورس الخصوصية، في حين يركز الكتاب المدرسي على غرس القيم السلوكية.
وزارة التربية لا يمكنها تحمل طباعة «سلاح التلميذ»
وأقر أن وزارة التربية والتعليم لا تستطيع تحمل ميزانية طباعة كتاب مثل سلاح التلميذ في عدد صفحاته، معتبرا أنه لا يمكن معالجة أحد عناصر المنظومة التعليمية دون النظر لبقية العناصر، سواء كانت المعلم والتلميذ أو البيئة التعليمية.
وأشار إلى إصرار وزير التعليم السابق طارق شوقي إلى التعليم الرقمي دون النظر إلى مدى وصول التكنولوجيا للقري والريف، موضحا “القصب لا يزرع في روسيا”.
ولفت إلى أن توفير المقومات للبيئة التعليمية ضرورة، نمع عدم توفر إنترنت في غالبية مدارس المحافظات الريفية، بل ومنازل أبناء الريف عموما، منتقدا تجاهل الوزير حينها لافتقار البيئة التعليمية للمقومات الأساسية لمشروعه.
إهدار 40 مليار جنيه بمنظومة التابلت وإلغائها قريبا
وتوقع توجه وزارة التربية والتعليم لإلغاء منظومة التابلت بدءا من العام الدراسي المقبل، بعد فشلها، رغم أنها كبدت الدولة ما يقارب 40 مليار جنيه منذ تطبيقها، إلا أن مصر لا زالت تحتل مستويات متأخرة في جودة التعليم وفقا للتقارير العالمية.
ورأى أن فشل منظومة التابلت التي تبناها الدكتور طارق شوقى، واعتبرها سلاح تطوير التعليم، اكتفت بعنصر التكنولوجيا دون النظر لباقي عناصر المنظومة التعليمية دون التفات إلى استراتيجية التعليم في مصر 2020/2030 بأهدافها الثمانية.
وكشف أن الاستراتيجية تعتمد على التنمية المهنية والموارد البشرية، وتكافؤ فرص التعليم للجميع الفئات، وتحسين مخرجات التعلم والارتقاء بالبيئة المدرسية والخدمات المساندة وتعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية، وحوكمة الانظمة وتطوير بيئات العمل.
ودعا إلى خطوات جادة لتطوير التعليم تكون اللبنة الأولى لتنفيذ استراتيجية التعليم 2030، مؤكدا أنه لا يوجد تعليم بدون معلم كما يروج البعض، في ظل ارتباط تطوير عملية التعليم بالمعلم.
منى: أسعار الأحبار والورق وراء غلاء الكتب الخارجية
بدورها، أكدت الدكتورة منى محمد، الخبير التربوي، إن ارتفاع أسعار الكتب الخارجية يرجع إلى عدة أسباب مختلفة، أهمها ارتفاع أسعار الورق والأحبار والتي أصبحت تكلفتها تصل لأكثر من الضعف في ظل ما يشهده العالم من ارتفاعات في الأسعار، مشيرةً إلى أن مصر تعاني أزمة شديدة في تصنيع الورق وتعتمد بنسبة كبيرة على الاستيراد.
وأوضحت أن الكتب الخارجية في السنوات الماضية لم تكن تلقى رواجًا مثلما يحدث حاليًا، فالطلاب يقبلون عليها إقبالًا تاريخيًا لارتباطها بالدروس الخصوصية، والمدرس هو من يُحدد نوع الكتاب الذي سيتم الشرح منه، وبالتالي يُصبح الطالب مُجبرًا على شراء الكتاب بعينه، دون النظر لسعره.
وطالبت «الخبيرة التربوية» وزارة التربية والتعليم بضرورة التدخل وحل أزمة الكتب الخارجية، التي يصرخ منها الشعب المصري حاليًا، مؤكدةً على ضرورة الاهتمام بالكتاب المدرسي والعمل على تطويره والنهوض به، وتخصيص جزء كبير للتمارين والتدريبات ليصبح مثله مثل الكتب الخارجية، بل وأفضل منها في الشرح والتدريب.
من جانبه، قال بركات صفا، عضو مجلس إدارة شعبة الأدوات المكتبية باتحاد الغرف التجارية، إن أسعار الكتب الخارجية ارتفعت بنسبة 40 % خلال الآونة الأخيرة، بسبب زيادة التكلفة على المطابع ودور النشر؛ نتيجة ارتفاع أسعار الورق والأحبار.
وأشار «بركات»، إلى مواجهة المستوردين صعوبات تتعلق باستيراد مستلزمات الإنتاج والخامات؛ نتيجة عدم توافر الدولار بالبنوك وارتفاع قيمته أمام العملة المحلية، معقبا: «نسبة التضخم وصلت إلى 40%».
ونوه إلى انعكاس ارتفاع مستوى التضخم بالبلاد على أسعار الشحن والنقل وارتفاع أجور العاملين والكهرباء، مضيفا «للأسف الأدوات المكتبية لا تعتبر سلعة استراتيجية على رأس أولويات الاستيراد، ونحصل على دورنا كسلعة ترفيهية».
وأكد أن الطلب على شراء الكتب الخارجي؛ لا يزال يلقى رواجًا من الأسر والأهالي، قائلا: «طالما هناك دروس خصوصية ومراكز دروس خاصة؛ سيكون هناك إقبالًا على شراء الكتب الخارجية»، مشيرا إلى اعتماد المدرسين على الكتب الخارجية لشرح المناهج وليس الكتاب المدرسي.
أولياء الأمور يشكون من استغلال تجار الكتب الخارجية
وطالبت كاملة محمود، أم 3 طلاب يدرسون في مختلف المراحل الدراسية، وزارة التربية والتعليم بتطوير الكتاب المدرسي حتي لا يضطرون للخضوع لاستغلال تجار الكتب الخارجية.
وقالت نادية ممدوح، إحدى أولياء الأمور، إن الكتب الخارجية تحولت إلى عبء كبير يواجه الأسر، مضيفة «لا نقدر على ثمنها والمدرسين يجبرونا على اللجوء اليها وأصبحت شيء لا مفر منه لأولادنا»، ليتخلص المدرسين من بذل جهد مع الطلاب.
مطالب بمحاصرة مافيا الكتب الخارجية والعودة لمناهج الوزارة
وحمل أحمد ممدوح، أحد أولياء الأمور، المدرسين المسؤولية عن إقبال الأسر على شراء الكتب الخارجية لأبنائها والخضوع لتجار الكتب الخارجية واستغلالهم للأهالي، داعيا الوزارة بمحاصرة مافيا تجار الكتب الخارجية.
وشدد محمد فوزي، ولي أمر، على التخلص من الاستغلال الواقع على الآباء من المروجين للكتب الخارجية، قائلا: “نحن وسط مافيا ولا نقدر على الهروب ويجب عودة الكتاب المدرسي وعدم خروج الامتحان عنه، حتي لا يتم استغلال الطلاب وإجبارهم على الاعتماد على الكتب الخارجية لخدمة التجار”.
وشكا محمود عباس، طالب بالصف الأول الثانوي، عدم قدرته على فهم المعلومة من الكتب المدرسية، كاشفا أن المدرسين يطلبون الكتب الخارجية قبل بدء العام الدراسي، ما دفع الطلاب لإهمال الكتب الدراسية.
اعتماد الطلبة على الدروس الخصوصية والكتب الخارجية
واعتبر ملك سيد، الطالبة في الثانوية العامة، أن اعتماد الطلبة في الوقت الحالي ينصرف إلى الدروس الخصوصية والكتب الخارجية، مضيفة أن شقيقها في الصف الرابع الابتدائي إلا أنه مطالب بإحضار كتب خارجية في كل المواد.
واستبعد حمادة شحاتة، الطالب بمرحلة الشهادة الإعدادية، الاستغناء عن الكتب الخارجية أو الدروس الخصوصية، مؤكدا أنهما طرفين أساسيين في المرحلة التعليمية لكل طالب، رغم ارتفاع التكاليف على أسرته.