
بقلم: محمد ترك
بلد الحريات بلا حريات ولا حقوق إنسان
لطالما تغنت الولايات المتحدة الأمريكية بلقب “بلد الحريات” ورفعت شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة، لكنها في كل مرة تثبت أن ما ترفعه من شعارات لا يتجاوز حدود الورق والمنصات الإعلامية. ففي قلب المدن الأمريكية، وفي شوارع واشنطن ونيويورك ولوس أنجلوس، يهتف المتظاهرون اليوم لا طلبًا لامتيازات، بل مطالبةً بأبسط حقوقهم: الكرامة، العدالة، ووقف التمييز والعنف.
المشهد لا يحتاج إلى ترجمة. رجال شرطة يضربون بوحشية، غاز مسيل للدموع يُطلق على متظاهرين سلميين، واعتقالات عشوائية تطال صحفيين وناشطين. هل هذه هي الديمقراطية التي يتباهى بها الغرب؟ هل هذه هي صورة “العالم الحر”؟
المفارقة أن الولايات المتحدة لطالما تدخلت في شؤون الدول الأخرى تحت راية “الدفاع عن حقوق الإنسان”، بينما هي نفسها تخرق تلك الحقوق في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع العالم. التمييز العنصري لا يزال متأصلاً في النظام، والفقر يعصف بمجتمعات كاملة، وحرية التعبير تُكتم إذا مست مصالح النخبة.
ما يحدث في أمريكا ليس أزمة عابرة، بل هو كشف للحقيقة التي حاول الإعلام طمسها طويلاً. إنها دولة تتغذى على التناقضات: تدّعي الدفاع عن الحريات بينما تقمعها، تروّج للعدالة بينما تُمارس الظلم، وتتحدث عن حقوق الإنسان بينما تنتهكها يوميًا.
إن المظاهرات التي تملأ الشوارع الأمريكية اليوم ليست مجرد احتجاجات، بل هي صرخة ضمير من شعب أدرك أن “بلد الحريات” مجرد أسطورة جميلة تخفي وراءها واقعًا مؤلمًا. وحين تسقط الأقنعة، لا يبقى سوى الحقيقة: لا حرية حقيقية دون عدالة، ولا ديمقراطية دون محاسبة، ولا حقوق إنسان في ظل الكيل بمكيالين.