محمد ترك يكتب: زيارة ماكرون دلالات سياسية ورسائل دعم قوية للسيسي
"ضربة معلم" سياحية من السيسي
بقلم: محمد ترك
في لحظة بالغة الحساسية، وعلى مسرح إقليمي يضج بالتقلبات، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة كرسالة سياسية مشحونة بالرمزية والمعاني. لم تكن زيارة بروتوكولية عابرة، بل حملت معها أبعاداً استراتيجية تؤكد أن مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تمثل حجر الزاوية في التوازنات الإقليمية، وأن فرنسا ترى في القاهرة شريكاً لا غنى عنه في صياغة معادلات الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
ماكرون لم يخفِ سعادته بالزيارة، بل على العكس، بدا متحمسًا وهو يشيد بالقيادة المصرية وقراراتها السياسية والاقتصادية الجريئة. تأييده لنهج السيسي لم يكن مجرد مجاملة دبلوماسية، بل اعتراف واضح بجدية الدولة المصرية في مواجهة التحديات، سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو حتى جيوسياسية. الدعم الفرنسي العلني، والذي تجسّد في اتفاقيات استراتيجية وتمويلات تنموية، يأتي في وقت تحتاج فيه مصر إلى شركاء دوليين يفهمون طبيعة المرحلة وحجم التحولات.
اللافت في تصريحات ماكرون كان التأكيد على أن “استقرار مصر من استقرار المنطقة“، وهو ما يعكس إدراك باريس للدور المحوري الذي تلعبه القاهرة، ليس فقط كقوة إقليمية، بل كمفتاح لحل الأزمات الكبرى التي تمزق جسد الشرق الأوسط، من غزة إلى ليبيا، مرورًا بالقرن الإفريقي.
ماكرون بدا كمن يراهن على رؤية السيسي لمستقبل الدولة الوطنية، ويقف في صفها ضد محاولات التفكيك أو العبث بالهوية. وفي ذلك رسالة واضحة أيضاً للغرب: أن زمن التردد في دعم الحلفاء الأقوياء قد ولّى، وأن الواقعية السياسية تقتضي اليوم الوقوف إلى جانب الأنظمة المستقرة، لا الأنظمة الهشة أو الشعاراتية.
ولعلّ من أبرز لقطات الزيارة، ما يمكن اعتباره “ضربة معلم” من الرئيس السيسي على صعيد تنشيط السياحة المصرية، حين حرص على أن يصطحب الرئيس الفرنسي في جولة رمزية إلى أحد المعالم الأثرية المصرية، في مشهد بدا مقصودًا بكل تفاصيله. حضور ماكرون في هذا السياق، لم يكن فقط رسالة ثقافية، بل دعاية سياسية من الطراز الرفيع لمصر كوجهة آمنة، مستقرة، وقادرة على استقبال الزوار من مختلف أنحاء العالم رغم الأزمات المحيطة.
هذه الخطوة الذكية من القيادة المصرية تعيد ربط السياحة بالسياسة، وتُظهر كيف يمكن للدبلوماسية أن تلعب دورًا مزدوجًا: دعم سياسي في العلن، ورسائل تسويقية دقيقة في العمق. فالصورة التي خرجت إلى العالم لم تكن صورة رجلين يتحدثان عن ملفات، بل دولتين تتشاركان في التاريخ والحضارة، في رسالة موجهة للشارع الأوروبي تقول: مصر مفتوحة، وآمنة، وجاهزة للعودة إلى واجهة السياحة العالمية.
في النهاية، زيارة ماكرون لم تكن مجرد حدث عابر في الروزنامة الدبلوماسية، بل فصل جديد في كتاب العلاقات المصرية الفرنسية، تُكتب فيه المصالح بلغة الاحترام والرهان المشترك على الاستقرار، والتنمية، والتاريخ.