محمود التراس يكتب:”من القاهرة إلى موسكو: السيسي يعزز التحالفات ويعيد رسم خريطة الشرق الأوسط

يقلم: محمود التراس
في مشهد لافت ومليء بالرمزية السياسية، شارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في احتفالات “يوم النصر” في روسيا، التي تُعدّ من أضخم المناسبات الوطنية الروسية إحياءً لذكرى الانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية. هذه الزيارة لم تكن فقط ذات بعد بروتوكولي، بل حملت رسائل استراتيجية واضحة، تؤكد مكانة السيسي كأحد أبرز قادة الشرق الأوسط، إن لم يكن قائد العرب في هذه المرحلة.
مشاركة لها دلالات دولية ظهور السيسي إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فعالية رمزية كهذه، وسط زعماء دوليين محدودين تمت دعوتهم، يعكس عمق العلاقة بين القاهرة وموسكو، كما يسلط الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه السيسي في رسم توازنات القوى في المنطقة. روسيا لا تستضيف الجميع في مناسباتها الكبرى، لكنها اختارت السيسي، إدراكًا منها لثقل مصر السياسي والعسكري والاقتصادي، ولقيمة قيادته الحكيمة في منطقة تعج بالتقلبات والصراعات.
وصفه البعض خلال الزيارة بأنه “قائد العرب”، وهي صفة لم تأتِ من فراغ. فالرئيس المصري أثبت في أكثر من موقف أنه صاحب رؤية متزنة تجمع بين الحفاظ على الأمن القومي العربي، والدفع نحو الاستقرار الإقليمي، والقدرة على التفاوض مع القوى الدولية من موقع الندّية لا التبعية. من الملف النووي الإيراني، إلى القضية الفلسطينية، مرورًا بالأزمة الليبية والسودانية، وحتى ملف سد النهضة، كان لمصر بقيادة السيسي موقف متماسك ومؤثر.
زيارة السيسي إلى موسكو تثبّت مكانته كأحد “صنّاع القرار” الحقيقيين في الشرق الأوسط، في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبرى وتحالفات تتغير. مصر لم تعد فقط لاعبًا إقليميًا، بل صارت بوابة استراتيجية بين الشرق والغرب، ويقودها رجل يُحسب له ألف حساب في دوائر صنع القرار الدولي.
زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لاحتفالات يوم النصر في روسيا لم تكن مجرد خطوة دبلوماسية، بل كانت إعلانًا جديدًا عن مكانة مصر، وعن قائدها الذي بات صوت العرب القوي في المحافل العالمية. رجل لا يخشى اتخاذ القرار، ولا يتراجع أمام التحديات، بل يصنع منها فرصة لإعادة رسم موقع الأمة العربية على خريطة السياسة الدولية.