مقررات جديدة تواكب سوق العمل.. التفاصيل الكاملة لخطة تطوير المناهج بالمرحلة الإعدادية
مسؤولون وخبراء يؤكدون ضرورة التحول من الحفظ والتكرار للابتكار والإبداع
وزير التعليم: تطوير المناهج الدراسية خطة دولة وليس وزارة
تطبيق مناهج جديدة مطورة في المرحلة الإعدادية ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥
يعتبر تطوير المناهج أبرز العناصر الرئيسية فى تطوير التعليم وقد بدأت وزارة التربية والتعليم خلال هذه الفترة في خطة تطوير شاملة للمناهج تستهدف حوالي ٢٥ مليون طالب فى التعليم المصرى حيث تم استكمال منظومة التطوير التي بدأتها بالمرحلة الابتدائية، والآن يتم استكمالها بالمرحلة الإعدادية، وقريبًا سيتم تطوير مناهج المرحلة الثانوية.
وسيتم تطبيق المناهج الجديدة المطورة للمرحلة الإعدادية على طلاب الصف الأول الإعدادي في العام الدراسي بعد القادم ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥، وبعد الانتهاء من المرحلة الابتدائية والإعدادية سيتم البدء في تطوير مناهج المرحلة الثانوية.
تطوير المناهج خطة دولة
وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور رضا حجازي أعلن أن الوزارة تستكمل خطة تطوير المناهج الدراسية باعتبارها خطة دولة وليس خطة وزارة، مشيرًا إلى أن الوزارة تستهدف التحول من الحفظ والتكرار للابتكار والإبداع، وإعمال العقل، والتناسب بين العبء المعرفي والسعة العقلية للطلاب، وأن يكون جهد الطالب جزءًا من التقييم.
كما يجب التحول من التركيز على المحتوى إلى التركيز على نواتج التعلم والتحول من الاعتماد على الآخر إلى الاعتماد على الذات، والتحول من مناهج منفصلة إلى مناهج بينية ومتكاملة حسب قول الوزير.
مواءمة المناهج مع الإعاقات المختلفة
وفي ضوء ذلك أقامت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع منظمة اليونيسيف مصر، فعاليات ملتقى تطوير المناهج (رؤى وتجارب)، حيث تضمنت التوصيات التي انتهى بها الملتقى مواءمة المناهج الدراسية بحيث تتلاءم مع الإعاقات المختلفة، والتركيز على المفاهيم الكبرى والأساسية في بناء المناهج الدراسية ودمج التكنولوجيا، والاهتمام بالمدرسة باعتبارها كيان يبدأ منه تغيير المجتمع.
وتضمنت أيضًا تركيز المناهج المستقبلية على اكتساب المتعلمين الدراية والمعارف العلمية والرقمية التي تساعد على تمييز الحقائق من الأكاذيب لمكافحة انتشار التضليل الإعلامي، والاهتمام بترسيخ مفهوم الثقافة العلمية، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في تطوير التعليم، وتحسين جودة حياة الطلاب وأسرهم من خلال التعليم المبدع والفعال وتنمية المهارات التنافسية المطلوبة في سوق العمل، والتركيز على الأنشطة الخاصة باكتشاف مواهب وقدرات الطلاب وتنميتها.
ووفق ما جاء في التوصيات التي أعلنت عنها الوزارة فإنه في ظل الانفجار المعرفي لا يمكن تضمين كل المحتوى في كل المواد الدراسية، وإنما يتم التركيز على المفاهيم الكبرى، والاتجاه نحو بناء مناهج بينية، وتصميم أنشطة تتناول المشكلات التي تؤرق الطلاب، ومراعاة أن تكون خطة تطوير المناهج خطة ديناميكية لا تتوقف وتشمل كل المراحل مع الأخذ في الاعتبار ما يحدث من مستجدات على المستويين المحلي والعالمي وكذلك أهمية تقييم ما يتم برؤية واضحة (تقييم الأداء)، والتركيز على إتاحة فرص للطلاب لتعلم لغات أجنبية ثانية؛ لمواجهة متطلبات واحتياجات سوق العمل.
رفع وعي المعلمين
وأكدت التوصيات على ضرورة رفع وعي المعلمين بأهمية التطوير المهني المستمر، وربطها ببرامج الترقية والاعتماد وإيجاد قنوات تواصل بينهم وبين القائمين على التخطيط وجهات المتابعة والرصد والتقييم وأولياء الأمور (جميع أصحاب المصلحة)، والاهتمام بالتثقيف المالي كإحدى المهارات الحياتية التي تؤثر فى القرارات المالية وتعود بالنفع على الفرد والمجتمع، ورفع شعار (نتعلم لنقرأ، ونقرأ لنتعلم).
وفي ختام الملتقى، أكد وزير التعليم ضرورة تركيز السياسات التعليمية على نظام شمولي، من خلال تنمية مهنية للمعلمين وتضافر واضح للتكنولوجيا، والاعتماد في تعليم الرياضيات على الخطوات القصيرة قوية الأثر، وتجنب القفزات السريعة والاهتمام بالقدرات الحسابية الأساسية، والاهتمام بالرسوم البيانية وتحليل البيانات والاحصاء، والاعتماد على الوسائل التكنولوجية في تعليم اللغات الأجنبية وخاصة الفيديوهات التعليمية التفاعلية، واستخدام منشورات ومواد تعليمية مستدامة وصديقة للبيئة.
وجاء فى التوصيات التي عرضها الوزير أيضًا الاعتماد على النظريات التربوية الحديثة في بناء المناهج (الذكاءات المتعددة – التعليم الاجتماعي العاطفي – هرم بلوم – النظرية البنائية – التقويم التكويني الختامي- تقديم الحلول المدعمة بالذكاء الاصطناعي)، واخيرا التركيز في بناء المناهج على الفروق الفردية بين الطلاب وتطوير مستوى المتعلمين ليتواءم مع هذه الفروق.
إعداد مناهج طبقًا للمعايير العالمية
من جانبها قالت الدكتورة ميرفت الديب رئيس لجنة إعداد مناهج المرحلة الإعدادية إنه تم إعداد المناهج على أعلى مستوى طبقا للمعايير العالمية ومراجعتها واعتمادها من نخبة من الأساتذة المصريين، حيث تم معادلة شهادة النيل المصرية بالشهادة الانجليزية من قبل مؤسسة نارك الدولية فى 2018، وإعداد مناهج المرحلة الإعدادية (البحث والتطوير والمواءمة والتطويع) والتي تتضمن مراحل وهي وضع تصورات عقد اجتماعي جديد لمستقبلنا معا للتربية والتعليم، ومراحل المقارنة والتى تشمل هيكل مناهج النيل المصرية، وهيكل مناهج وزارة التربية والتعليم والتى تتضمن مناهج الصف الاول الابتدائي 2.0 إلى الصف الثالث الابتدائي والذي يشمل المجال الاول من المفاهيم والعمليات الأساسية لنظم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وتابعت: يتضمن المعيار الأول وهو تنمية المفاهيم والعمليات والبنية الأساسية لنظم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات، أما المعيار الثاني يتمثل في التمكن من الاستخدام الآمن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويشمل (قواعد واداب استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات).
وأضافت بأنه بالنسبة للصف الثالث الابتدائي 2.0 يتم تنمية المفاهيم والمصطلحات لبعض تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ليتعرف الطالب علي وحدات القياس المرتبطة بالأجهزة (التمرين أو الذاكره ، وسرعة الأجهزة وسرعة نقل البيانات )، وفي المجال الثاني يتمكن الطالب من الاستخدام الآمن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذي يتضمن قواعد وآداب استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
واستعرضت بعض المتغيرات خلال فاعليات ملتقى تطوير المناهج (رؤى وتجارب)، التى تم أخذها في الإعتبار كون المرحلة الإعدادية مرحلة مفترق طرق من خلال الاهتمام بعامل الوقت المتاح وعدد أسابيع العام الدراسي، وأزمة كوفيد – 19 وكل تبعاته على جميع الأصعدة، وظهور نسخ جديدة من التعليم، فضلا عن حدوث طفرات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، والتغيرات المناخية، وأوضاع الاقتصاد العالمى، بالإضافة إلي نتائج الطلاب في الاختبارات الدولية.
التوازن بين أنشطة التعلم
واستكملت أن إعداد الإطار العام لمنهج المرحلة الإعدادية وهو دستور العمل من خلال المبادىء، والأهداف، والمهارات، والقيم، ونواتج التعلم المستهدفة، واستراتيجيات التدريس، واستراتيجيات التقييم ، موضحة خصائص المرحلة العمرية فى المرحلة الإعدادية، والتى تشمل الخصائص النفسية والاجتماعية، والمعرفية، والخصائص القيمية والأخلاقية بشكل منطقی، يبدأ في تبني أفكاره الخاصة متحمسًا لهذه المعتقدات، متعصبا أحيانًا تجریبی بجانب الهوية، ودور المستقبل والعمل، والمال، ويتضمن أن يتميز بكونه ملاحظ جيد، وقيم الانتماء لديه.
وقالت إن أهم أهداف منهج المرحلة الإعدادية منها التوازن بين أنشطة التعلم والأنشطة الحياتية، جودة حياة المتعلمين وأسرهم، والمهارات الأساسية والتي تشمل مهارات التعلم الذاتي، والتقييم الذاتي والاتجاهات الإيجابية نحو الذات، والوعي بالقضايا المعاصرة وأثرها على حياته، مهارات ريادة الأعمال وخاصة الاجتماعية، وتحمل مسئولية تعلمهم المواطنة والولاء والانتماء، تكامل العلوم والمعارف، بالإضافة إلى تنمية القيم المستهدفة بمنهج المرحلة الإعدادية مثل الاحترام، والمسئولية، والصمود والمثابرة، الذات، واحترام الآخر، واحترام المرأة، احترام الأشخاص ذوى الإعاقة.
مراعاة التقدم التكنولوجى في المناهج
وفي هذا السياق شدد الدكتور سامى هاشم رئيس لجنة التعليم على ضرورة أن يستمر تطوير المناهج بما يساهم فى بناء شخصية الطالب، مع مراعاة حل المشكلات التى تواجه الطلاب فى هذه المرحلة ونتائج النمو المطلوبة.
وقال إنه لابد من أن يحتوى المنهج على ما تحتاجه هذه المرحلة ومراعاة التقدم التكنولوجى والإعداد لمستقبل غير معلوم، وقياس معدلات التنبأ فى ظل العالم المتغير.
رؤية القومى للطفولة والأمومة
ومن جابنها أكدت نسرين البغدادي عضو المجلس القومي للمرأة، أن التعليم يعد أحد أهم قضايا محور التمكين الاجتماعى ضمن الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2023.
وأشارت إلى أن المجلس القومى للطفولة والأمومة قام بعمل دراسة إعداد صورة المرأة في مناهج المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية وهذه الدراسة تمثل صورة احترام المرأة، وصورة المرأة في المناهج، ونبذ العنف عن المرأة.
إعداد معلم جيد
وفي هذا الشأن قال اللواء أحمد البدرى وكيل لجنة التعليم بمجلس الشيوخ، إن عملية التطوير يجب أن ترتكز على ثلاثة مرتكزات وهى: القيم، والمهارات، والمعارف، مشيرا إلى أن القيم هى أهم هذه المرتكزات لارتباطها ببناء الشخصية والهوية الوطنية.
وأضاف أنه لابد من إعداد المعلم الجيد، وليس فقط بالمعلومات ولكن بتنمية الشخصية أيضا، بجانب الاهتمام بالطالب ولابد ألا تنفصل عن المنزل وان يكون هناك تفاعل بين المعلم والأسرة، بالإضافة إلى الاهتمام بالمدرسة.
التطبيق على أرض الواقع
وبدوره أكد الدكتور حازم راشد عميد كلية التربية جامعة عين شمس سابقا، أن تطوير مناهج المرحلة الإعدادية هو امتداد واستكمال لمهمة تطوير المرحلة الابتدائية، وأن المفاهيم التى يجب تعليمها للطالب يجب أن تكون مفاهيم عامة دون حشو، كما يجب أن يراعي ترك المجال للإبداع والتطبيق العملى.
وأضاف أن جميع تجارب الدول فى تطوير التعليم تعتمد على التطبيق على أرض الواقع حتى يتسنى للقائمين على العملية التعليمية بحل أى مشكلات وتحديات تقابلهم وكل دولة ولها طبيعة خاصة لذا تختلف التحديات بين الدول، والتجربة على أرض الوقع هى المعيار التى يتم من خلالها تطوير المناهج.
إصلاح المنهج مع استثمارات وإصلاحات مطلوبة
فيما أكد شيراز شاكرا رئيس قسم التعليم بمنظمة يونيسف مصر، أن تطوير منهج جديد هو لحظة إصلاح رئيسية، وفرصة للدولة بأكملها، وليس فقط لخبراء التعليم، للتفكير في ما يرغبون أن تصبح عليه مصر، اتفاقًا مع المعايير التعليمية الدولية، وتطوير منهج قائم على المهارات بحيث يكون الشباب قادرًا على التكيف وجاهزًا للتغيرات العالمية ولسوق العمل المتغير، وخلق بيئات محفزة تعكس العالم المترابط الذي يعيش فيه الشباب اليوم، وتعزيز الاعتراف بالقيم المصرية.
كما أكد شاكرا أن تحقيق هذه التطلعات، يتطلب إصلاح المناهج ومشاركة واسعة وعميقة من جميع أصحاب المصلحة، كما أنه يوفر فرصة للتركيز ليس فقط على تطوير محتوى المنهج من أطر المناهج والأدلة والكتب المدرسية وأدلة تدريب المعلمين، ولكن أيضًا فرصة لإشراك جميع المعنيين بتطوير التعليم في إجراء الإصلاحات اللازمة.
واختتم حديثه بقوله إذا لم يتزامن إصلاح المنهج مع استثمارات وإصلاحات مطلوبة لتحقيق التغيير (تطوير ودعم المعلم، واستخدام المواد التعليمية المناسبة، والتقييم الفعال، ودعم قادة المدارس، وإصلاحات المتابعة)، فإن إصلاح المنهج قد لا يحقق الغاية المرجوة منه، والأهم من ذلك، إذا لم يتم معالجة الاتجاهات الأساسية لانخفاض مستوى الاستثمار وارتفاع معدلات التسرب وقصر الوقت التعليمي بشكل متزامن، فإن إصلاح المنهج قد لا يحدث الأثر الذي نرغب فيه .