تحقيقات وحواراتسلايدر

من إعاقة الطفولة إلى الذهب.. «سهام علي» بطلة لا تعرف المستحيل

الإسماعيلية- نورهان جمال

من بين شوارع محافظة الإسماعيلية، خرجت قصة بطلة حقيقية.. ليست مجرد قصة انتصار رياضي، بل ملحمة إنسانية صنعتها فتاة لم تعرف لليأس طريقًا، ورفضت أن تكون ضحية للظروف أو أن يُنظر إليها بعين الشفقة، إنها سهام علي، بطلة رفع الأثقال وأم لثلاثة أبناء، والتي استطاعت أن تكتب اسمها بحروف من ذهب في سجل أبطال ذوي الهمم.

لم يكن طريق سهام مفروشًا بالورود، بل بدأ من مأساة مؤلمة حين تعرضت في العاشرة من عمرها لتعذيب من قبل معلمتها في المدرسة، أدى إلى إصابتها بالغرغرينا ثم بتر قدمها، في لحظة واحدة، تحولت من طفلة تنطلق في الشوارع جريًا، إلى طفلة عاجزة عن الوقوف، لكن بدلا من أن تستسلم لهذا الواقع القاسي، اختارت سهام أن تبدأ رحلة التحدي.

رفضت سهام أن تكون مجرد رقم في قوائم ذوي الإعاقة، واعتمدت على نفسها دون انتظار شفقة أو مساعدة من أحد، علمت نفسها كيف تعيش من جديد، كيف تتحرك وتواجه العالم، حتى وجدت في الرياضة المتنفس الحقيقي.

وخلال لقاء مع «المصرية نيوز» ذكرت إنها بدأت مشوارها الرياضي في سن 16 عامًا بممارسة ألعاب القوى، ثم تنس الطاولة، قبل أن تجد شغفها الحقيقي في رفع الأثقال، الرياضة التي جعلتها تقف من جديد لكن هذه المرة على منصات التتويج.

لم تكتف سهام بتحقيق البطولات المحلية فقط، فحققت 5 بطولات كأس مصر، بالإضافة إلى بطولات الجمهورية، إلى أن جاءت لحظة الحلم الأكبر: بطولة العالم.

ورغم كل التحديات، من نقص الدعم المادي إلى محاولات الإحباط من المحيطين بها، أصرت سهام على المشاركة في بطولة العالم لرفع الأثقال لذوي الهمم، متحدية نظرة الاستهجان التي تلقتها ممن قالوا: «مش هتحققي حاجة وسط 24 دولة».

وبالفعل، رفعت سهام علم مصر عاليًا، وعادت ببرونزية بطولة العالم، وهي تحمل فخر الإنجاز والإصرار، بعد أن شاركت على نفقتها الخاصة، متحدية حتى عقبات السفر ومشكلة مخالفة الزي في اللحظات الأخيرة قبل المنافسات.

بعيدًا عن البطولات، كانت سهام دومًا أمًا قبل أن تكون بطلة، «أولادي هم سر قوتي.. هم الداعم الأول لي»، هكذا تقول سهام، مؤكدة أن ما حققته من انتصارات لم يكن ليحدث دون مساندتهم المستمرة.

توجه سهام برسالة لكل من يمر بأزمة أو يشعر بالعجز: «الإعاقة ليست نهاية العالم.. ما أخذ الله إلا ليعطي. لم أتخيل يومًا أن أكون لاعبة رفع أثقال وأحقق بطولات، لكن الله عوضني أكثر مما تمنيت».

ورغم الإنجازات، لا يزال لدى سهام حلم لم يتحقق بعد: أن تنضم إلى منتخب مصر الرسمي لذوي الهمم. تخاطب وزيرة الشباب والرياضة، قائلة: «كل حلمي أن أرفع علم مصر ضمن صفوف المنتخب.. هذا شرف العمر بالنسبة لي».

سهام علي ليست مجرد بطلة رياضية.. إنها درس حي في الإصرار، ورسالة لكل من ظن أن الظروف قد تسرق الأحلام.. فالواقع يقول إن من رحم الألم يولد الأبطال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى