اقتصاد و بورصةسلايدر

وداعاً لـ«البنزين».. السيارات الكهربائية تغزو العالم وتقود المستقبل

محمد عبدالواحد الزيات

في مطلع القرن الماضي، انطلقت صناعة السيارات لتفوح طرقات العالم، برائحة الوقود الأحفوري، في ثورة صناعية غير مسبوقة، لكنها رافقتها كارثة بيئية باتت تهدد ربع المخلوقات بالفناء بحلول عام 2050.. والفاعل  هو: عوادم السيارات التي تعد ثاني أكبر أسباب الاحتباس الحراري.

ووسط ما تسببه حالياً، التغيرات المناخية الناجمة عن الاحتباس الحراري من احترار عالمي وفيضانات أعاصير وذوبان للجليد القطبي، باتت دول العالم تعقد آمالها على “السيارة الكهربائية” كأحد الحلول الفاعلة من أجل تخفيف حرارة الجو بنحو 05 .0% في غضون 15 سنة، وفقاً لتقديرات العلماء.

صناعة قديمة

يعود اختراع السيارة الكهربائية إلى القرن التاسع عشر، أي أنها سبقت نظيرتها من السيارات التقليدية التي تدار بالوقود، فهي جزء لا يتجزأ من اختراع البطارية الكهربائية على يد  أليساندرو فولتا عام 1775م، ذلك الاختراع الذي أحدث أثراً كبيرا في رحلة التقدم البشري.

وجاء اختراع فولتا للبطارية الكهربائية كأساس علمي اعتمد عليه العالم روبرت أندرسون، عام 1832م، حين طوّر سيارة ذات ثلاث عجلات تعمل  بالبطارية؛ فأصبحت بذلك أول سيارة كهربائية في التاريخ، والتي سبقت السيارات التي تدار بالوقود الأحفوري.

وسرعان ما انتشر اختراع أندرسون، للسيارة الكهربائية في أوساط النخبة الغربية، فبحلول عام 1912م، كان قد جرى تصنيع أكثر من 39 ألف سيارة كهربائية لتجري على الطرق، إذ كانت تسير لمسافة تصل إلى 180 ميلاً في الشحنة الواحدة.

نقطة تحول

في 29 يناير عام 1886م، كان ميلاد اختراع سيارة موازية لنظريتها الكهربائية، حين حصل الألماني «كارل بنز» على براءة اختراع أول سيارة احتراق داخلي في العالم “أو تلك التي تدار بالوقود الأحفوري”، لكنها لم تلق رواجاً محلياً وعالمياً بسبب احتياجها لقوة بدنية عند تشغيلها عبر يد حديدية يجري لفها بقوة حتى تدار السيارة.

وبحلول عام 1912م، ظهر المُشغل الكهربائي لسيارات الوقود، فكان بمثابة نقلة نوعية كبرى، جعلت سيارات الاحتراق الداخلي لم تعد بحاجة لقوة بدنية عند بدء تشغيلها، حتى أصبحت أرخص وأسرع من نظيرتها الكهربائية بضعفين، نظراً توفر الوقود في مختلف الأماكن مقابل ضعف رقعة شبكات التيار الكهربائي حينذاك.

مُنعطفٌ تاريخي

أدى تطور سيارات الوقود ذات العادِم المُلوِّث إلى إمالة الكفة نحوها لعقود، على حساب نظيرتها التي تُدار بالكهرباء، لكن مع حلول عصرنا الحالي ويرافقه أسوأ سيناريوهات متوقعة للتغير المناخي في الأفق المُغبر بالدخان؛ لتستعيد السيارات الكهربائية مكانتها ؛ وتُمسي الخيار الأمثل للاستثمار المستقبلي عالمياً.

ويتواجد حالياً، أكثر من 320 مليون سيارة كهربائية في الطرقات حول العالم وفقاً لـ”بلومبيرغ”، وسط توقعات بنمو مبيعات هذه السيارات المستقبلية إلى 28% عام 2030م.

كما نمت مبيعات السيارات الكهربائية خلال عام 2022م، بنسبة 68% على الرغم مما واجهه العالم من تحديات اقتصادية وأزمات متتالية ألقت بظلالها على سلاسل التوريد.

وبدأت العديد من دول العالم، التحول الكامل نحو السيارات الكهربائية، إذ تدرس دولة فرنسا، الوصول إلى أكثر من 6.5 مليون نقطة شحن في عام 2030م، تتنوع بين الشحن في المنزل والشحن في العمل والشحن في الطرقات العامة المدعومة بشبكات الجوال، لدعم شحن 5.5 مليون سيارة كهربائية في البلاد، خلال عشر سنوات، وفقاً لدراسة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية، كولومبس كونسلتنغ.

مواكبة مصرية

في ظل التسارع التكنولوجي المتعلق بالسيارات الكهربائية، سمحت مصر، بالاستيراد التجاري للسيارات الكهربائية وشواحنها، فضلاً عن مُضي الحكومة في دراسة اتفاقيات دولية لبناء مصانع لتجميع سيارات كهربائية على الأراضي المصرية، وفق خطط الدولة للانتقال إلى الطاقة الجديدة  بالإضافة إلى توفير موارد استثمارية جديدة لدعم الاقتصاد الوطني.

ومع تطورها المتسارع، تُثبت السيارات الكهربائية مجدداً، انطلاقتها للمستقبل حفاظًا على البيئة وتسخيرًا لطاقة رائعة تُدير مركبات البشر بدون انبعاثات ضارة تدمر المناخ والإنسان والحيوان والنبات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى