

أسماء عبدالحميد
في جريمة هزت وجدان المجتمع المصري، تخلى أب عن مشاعر الأبوة، وتجرد من الرحمة والإنسانية، لينتقم من طليقته بأبشع وسيلة ممكنة، فكان الضحية طفلاً بريئاً لم يتجاوز التاسعة من عمره يقيم بناحية قرية الأخيضر دائرة مركز المراغة بسوهاج.
تفاصيل مأساوية لجريمة استغرقت شهوراً لكشفها، وانتهت بحكم العدالة بإحالة القاتل إلى المفتي، ليظل السؤال : إلى أي مدى قد يدفع الانتقام الإنسان إلى فقدان إنسانيته؟
بداية الواقعة تعود في نوفمبر 2023م، تلقت مباحث المراغة في سوهاج بلاغاً باختفاء الطفل عبدالمعز (9 سنوات) في ظروف غامضة، حيث شهوراً من البحث والتحقيق كشفت عن مأساة لا تخطر على بال، حيث عثر على الطفل مقتولاً ومدفوناً داخل برميل بلاستيكي، مغطى بالخرسانة في حفرة أعدها والده مسبقاً داخل منزله.
والمفاجأه أن القاتل والده، وهو تاجر مواشي يدعى، ب م”، بعد استدراجه لأبنه الذي كان يقيم مع والدته المطلقة بمنزلها، لتنفيذ مخططه الشيطاني، حيث تمكن ضباط مباحث المركز من ضبط المتهم، وبمواجهته اعترف بارتكاب الجريمة انتقاماً من طليقته والدة الطفل، مستخدماً أدوات تالية الوصف “حبل، كوريك، فاس”، حيث تربص له في مكان أيقن مروره فيه، وقام باستدراجه لداخل المنزل، وبمجرد وصولهم المنزل أمسك به وكبل يديه مستخدماً في ذلك حبل وقام بخنقه حتي فارق الحياة، ثم وضعه داخل برميل ودفنه بداخل حفرة أعدها مسبقاً داخل المسكن، ثم قام بوضع الرمال فوق الجثة وصب خرسانة، قاصداً قتل أبنه واخفاء جريمته وإبعاد أصابع الاتهام عنه، وبعد مرور 4 أشهر على الجريمة توصلت جهود مباحث المركز لكشف ملابسات وغموض الحادث.
وبناءً على طلب والدة المجنى عليه “عز” أمام النيابة بعمل تحليل DNA للجثة، تبين تطابق النتيجة وأنه نجلها المفقود منذ 4 أشهر.
وتم تحرير محضر بالواقعة، واخطرت النيابة العامة لتولي التحقيق، وتم إحالة القضية لمحكمة جنايات سوهاج.
وبعد اعتراف المتهم والتأكد من سلامة قواه العقلية حسب التقرير الوارد من مستشفي العباسية، قررت محكمة جنايات سوهاج، برئاسة المستشار حمدي عبدالعزيز، وعضوية المستشارين هاني صبحي ضحا، وأحمد أحمد الجندي، بأمانة سر طه حسين، وماجد أمين، تحويل أوراق تاجر مواشي إلى فضيلة المفتي، لاتهامه بقتل نجله بدائرة مركز المراغة شمال محافظة سوهاج.
وفي تصريحات خاصة لجريدة المصرية، قال يحيى أحمد خال المجني عليه “عز” : “نشعر بالراحة والفرح لرجوع حق عز، حيث أن دولة القانون انتصرت على الجهل والتخلف وعمى القلوب والله، سعداء أن حق عز مضعش، وأن القصاص العادل سينفذه القانون على المجرم المتهم وهذا ما يستحقه، ونتمى سرعة التنفيذ طبعاً حتى تشفى صدورنا واحتسبنا عز شهيد عن ربنا عز وجل”.
ووجه خال المجني عليه ووالدته الشكر لكل شخص تعب وبذل مجهود من الشرطة والنيابة والقضاء، لتحقيق العدالة ورجوع حق الطفل عز، والاقتصاص من المجرم القاتل والده.
وناشد “يحيي أحمد” جميع الآباء منزوعي الضمير والرحمة، الذين يفكرون بالانتقام من أمهات أولادهم بعد الطلاق بالاتعاظ، لأنهم في تلك الحالة سيواجهون القانون والقضاء العادل مثلما حدث في قضية عز.
جريمة عز ليست مجرد حادثة فردية، بل صرخة تحذير لكل من تسول له نفسه استخدام الأطفال وقوداً لصراعات الكبار، فكم من طفلٍ يدفع ثمن خلافات لا ذنب له فيها؟ وكم من قلوب ماتت قبل أن تموت أجساد أصحابها؟ يبقى عز شاهداً على قسوة انتقام أعمى، لم يدرك مرتكبه إن عدالة السماء والأرض لا تضيع حقاً، حتى وإن تأخرت لحظات.