روسيا تطلق صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات على أوكرانيا في تصعيد غير مسبوق للصراع
كتب- سارة جمعة
لأول مرة منذ بداية الحرب، أطلقت روسيا صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات باتجاه أوكرانيا، ردًا على استخدام كييف صواريخ أميركية وبريطانية لاستهداف العمق الروسي، وذلك بموافقة الرئيس الأميركي جو بايدن.
الصاروخ الروسي من طراز “RS-26 Rubezh” أُطلق من منطقة أستراخان صباحًا ووصل إلى مدينة دنيبرو خلال أقل من خمس دقائق. تحليل صور الهجوم يظهر أن الصاروخ كان مجهزًا بستة رؤوس حربية مستقلة، تحمل كل منها ذخائر صغيرة متعددة. وتُخصص هذه الحزمة من الرؤوس بشكل رئيسي للهجمات التقليدية، ولكن يمكن أن تُستخدم نوويًا أيضًا.
في المقابل، أعلن الجيش الأوكراني أنه تمكن من إسقاط ستة صواريخ كروز أطلقتها روسيا، إلا أن الصور المنتشرة تفيد بعكس ذلك.
إطلاق هذا النوع من الصواريخ يمثل تحولًا نوعيًا في مسار الصراع، إذ يبلغ وزن الصاروخ نحو 40-50 طنًا، وقادر على قطع مسافة تفوق 9 آلاف كيلومتر. هذا التطور يدفع أوكرانيا وحلفاءها الغربيين إلى إعادة تقييم قدرات هذا السلاح المدمر، خاصة مع إدراكهم أن روسيا تستطيع استهداف أي موقع في أوكرانيا أو أوروبا، دون وجود دفاع فعّال ضده.
مواقف متباينة
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، علّقت على التصعيد قائلة إن سماح الغرب لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى ضد روسيا يعكس تخلّيه عن كييف.
في الوقت ذاته، نشر المحلل العسكري الأميركي دانيال ديفيس مقالًا في مجلة “ناشونال إنتريست”، حذر فيه من العواقب الاستراتيجية لهذا التصعيد. وأشار إلى أن إمداد أوكرانيا بصواريخ طويلة المدى لن يغير الوضع الميداني، مؤكدًا أن كييف قد خسرت الحرب بالفعل. وأضاف أن السماح باستخدام هذه الأسلحة ضد روسيا يمثل مقامرة خطيرة، يمكن أن تؤدي إلى توسع النزاع دون تحقيق مكاسب عسكرية تُذكر.
على الجانب الأوكراني، اتجه الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى التهدئة، مؤكدًا أن استعادة شبه جزيرة القرم ممكنة فقط عبر المسار الدبلوماسي، مشيرًا في مقابلة مع “فوكس نيوز” إلى أن بلاده لا تستطيع تحمّل الخسائر البشرية اللازمة لاستعادة المنطقة عسكريًا.
تصعيد خطير
وفي هذا السياق، أوضح د. حسان القبي، أستاذ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية في جامعة باري ساكلاي، لقناة “سكاي نيوز عربية” أن إطلاق الصاروخ الروسي كان رسالة واضحة من موسكو. وأضاف أن روسيا أثبتت قدرتها على ضرب أهداف داخل أو خارج أوكرانيا، مع التأكيد على امتلاكها خيارات متعددة تتجاوز الضربات النووية التكتيكية.
وأشار القبي إلى أن روسيا تراهن على عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لإطلاق مفاوضات جدية. لكنه حذر من أن القرار الأميركي بالسماح لأوكرانيا باستهداف العمق الروسي يعد تصعيدًا خطيرًا، يشبه “قنبلة نووية ثالثة” بعد هيروشيما وناغازاكي، ويدفع العالم إلى مرحلة أكثر خطورة.