على باب محكمة الأسرة.. «عزة» تنهي قصة «الحب والضعف» بعد 14 سنة

فاطمة فتوح
على الباب الخارجي لمحكمة الأسرة في التجمع الخامس، ترددت «عزة» في الدخول قبل أن تحسم أمرها، وتتمكن أخيرًا من الدلوف إلى داخل تلك الجدران العالية، لتستكمل رحلتها التي تأخرت لسنوات طويلة، حتى تطلب «الخلع».
وراء عدسات نظارة سوداء كانت «عزة» تحاول إخفاء ملامح التوتر البادية على وجهها، وخطواتها التي كانت مرتبكة إلى حد التقدم مرة والتراجع مرتين، إلى أن توقفت أمام ذلك المكتب في نهاية الطرقة الممتدة لتقديم الأوراق الخاصة بقضيتها، قبل أن تخرج الكلمة من بين شفتيها همسًا لا تكاد تصل لأذن سامعها: «انا عايزة أخلع جوزي».
لم تستطع العدسات السوداء أن تخفي عبرة ترقرقت بين جفني السيدة التي تفصلها خطوة واحدة عن عتبة عمرها الأربعين، والتي انحدرت لتسقط على خدها وتتدلى على أسفل ذقنها وكأنها تمسح معها غبار 11 عامًا عاشتها تبحث عن حلم الأمومة الضائع.
خلعت «عزة» نظارتها السوداء، وانتظرت لدقائق ثلاث حتى اعتادت عيناها ضوء النهار، ربما تذكرت فيهم سنوات الحب التي سبقت زواجها من «م» صاحب الأربعة وأربعين سنة، أو ربما تذكرت أحلامها الوردية وهي تنبت في مخيلتها فقط لترى أطفالها يلعبون حولها في عش الزوجية السعيد الذي نسجت خيوط خيمته ووثقتها برباط الحب.
لم تتحمل «عزة» ضوء الشمس الذي سطع في عينيها فجأة حين نظرت من نافذة المحكمة، فعادت مرة أخرى لتخفيهما بعدساتها السوداء، حين تذكرت أحلامها التي بدأت تتلاشى أمامها بعد الزواج الذي لم يستطع أن يزرع بذرة الأمومة في أرضها، إلا أن حبها له كان يمنعها من المغادرة.
«عزة».. سمعت السيدة اسمها يتردد بصوت مرتفع فارتبكت قبل أن تلملم شتات نفسها وتدخل إلى المكتب، وتقف أمام الموظف لتكمل أوراق دعواها التي تحولت إلى رقم 2593 لسنة 2022 سجلت فيها نهاية قصة حبها قائلة: «أيوة عايزة الخلع».