في ذكراه الـ 75.. وفاة «حقوق الإنسان» بغزة
نبيل عمران
بعد 75 عاما على اعتماد الاعلان العالمى عن حقوق الإنسان فى 10 ديسمبر 1949، أصدرت غزة اليوم شهادة وفاته، مع دخول الحرب على غزة يومها الـ65، تستمر قوات الإحتلال الاسرائيلية في قصف مدن ومحافظات شمال وجنوب القطاع، وسط اشتباكات عنيفة ومخاوف دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية، لطخت دماء الأبرياء مبادئه الأساسية، نتيجة حرب إسرائيلية وحشية ضد المدنيين و قتل الأطفال والنساء والمسنيين، تم خلالها انتهاك أبسط ومبادئ الحقوق الإنسانية وهو الحق فى الحياه، وسط صمت عالمي مخزي.
وعلى مدى 75 عامًا، شهد الشعب الفلسطيني بأكمله انتهاكات كثيرة لحقوقه الإنسانية؛ حيث لم يتمكن من ممارسة حقه في العودة أو تقرير المصير، ولم يتمكن ايضا من ممارسة حقوقه الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكن ما تشهده غزة اليوم هو أبشع فصول تلك الانتهاكات.
وهو واقع عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش بقوله «الكابوس المستمر في غزة هو انهيار للإنسانية» والعملية الإسرائيلية العسكرية والقصف يستهدفان المدنيين والمستشفيات ومخيمات اللاجئين والمساجد والكنائس، لا أحد في مأمن. فغزة تحولت إلى مقبرة للأطفال، الذين يقتلون بوتيرة لم يشهدها أي صراع منذ أكثر من ثلاثة عقود”.
وفاة حقوق الإنسان من سلب الفلسطينيين الحق فى الحياة، تجاوزت 23,012 شهيدا، 90% من سكان القطاع يواجهون شبح الجوع وأكبر عملية تهجير قسرى منذ النكبة.
و أن الاحتلال قتل أكثر من عشرة آلاف طفل ورضيع منذ بدء هجومها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، إجمالي حصيلة الشهداء في الهجمات الجوية والمدفعية الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة تجاوزت 23,012 شهيدا، من بينهم 9,077 ألف طفل ورضيع.
ونقل التلفزيون الفلسطيني عن وزارة الصحة قولها إن أكثر من 48 ألف شخص أصيبوا في غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي.
وفي ظل وجود مئات الأطفال تحت الأنقاض، وبينما تتضاءل فرص نجاتهم في ظل تعذر انتشالهم منذ أسابيع، فإنه من المرجح تجاوز إجمالي عدد الشهدء الأطفال 10,000، إجمالي عدد الأطفال ضحايا جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة بلغ نحو 700 ألف طفل ما بين شهيد ومصاب ومشرد من دون مأوى.
وترفض منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» تصدير الأرقام الحقيقية للضحايا، بدلًا من مواجهة عجزها عن القيام بأدوارها وإنقاذ الضحايا، والحيلولة بشكل فعلي دون موت عدد لا يحصى من الأطفال في غزة.
ولفتت أن أكثر من 18 ألفًا أصيبوا بجروح مختلفة في هجمات إسرائيلية، توصف حالات مئات منهم بالحرجة، فيما تعرض عشرات آخرون لحالات بتر لأطرافهم، فضلًا عن تعرض مئات لحروق شديدة في مناطق متفرقة من أجسادهم.
وقال «الأورومتوسطي»، أن تقديراته تشير إلى أن ما يقارب من 24 إلى 25 ألف طفل فلسطيني في قطاع غزة باتوا أيتامًا جراء مقتل أحد أو كلا والديهم، بينما دُمرت أو تضررت منازل نحو 640 ألفًا منهم، ما يجعلهم دون مأوى.
ولفت إلى أن مستقبل مئات آلاف الأطفال بات مجهولًا مع انقطاعهم المستمر عن التعليم في كل المراحل الدراسية وتدمير وتضرر أكثر من 217 مدرسة في مختلف أنحاء قطاع غزة بفعل الهجمات الإسرائيلية.
وشدد على أن أطفال غزة يجدون أنفسهم ضحايا هجمات عشوائية تشنها إسرائيل بلا هوداه للشهر الثالث على التوالي بهدف القتل العمد وسط حرب مرعبة، فيما يبقى الكثير منهم بلا مأوى ويفتقرون إلى الغذاء ومياه الشرب المأمونة، أو أجبروا على النزوح تحت النار، مما زاد من حدة الصدمات التي يتعرضون لها.
وأشار إلى أن مليونا و840 ألف شخص في غزة أصبحوا نازحين داخليًا ويقيمون مع أطفالهم في مراكز غير مخصصة أو مناسبة للإيواء، وسط اكتظاظ هائل، وهو ما يلقي بتداعيات جسيمة على الأطفال وسلامتهم.
و الأطفال في قطاع غزة يواجهون بشكل صادم خطر الموت جوعًا وعطشًا، لا سيما في مناطق مدينة غزة وشمالها التي تنعدم فيها تقريبًا فرص الحصول على وجبة طعام واحدة يوميًا للغالبية العظمى من العائلات، في وقت تجبر فيه على استخدام أساليب غير آمنة وغير صحية لإشعال النار بهدف الطهي.
ومواجهة الأطفال خطر التعرض للأوبئة والأمراض السارية جراء أزمات عدم توفر مياه صالحة للشرب وتوقف مضخات الصرف الصحي، فضلًا عن انعدام النظافة الشخصية والرعاية الصحية في مراكز الإيواء شديدة الاكتظاظ.
أن الصحة النفسية لأطفال غزة دون سن 18 عامًا، والذين يشكلون 47% من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، يواجهون أزمات مركبة منذ سنوات طويلة. وذكر المرصد، أن 4 من كل 5 أطفال كانوا يعانون قبل الهجوم الحالي من الاكتئاب أو الحزن أو الخوف، وهو تدهور حاد مقارنة بدراسات سابقة.
وجدد المرصد، مطالبته أطراف المجتمع الدولي بالتحرك العاجل والفوري لوقف تحويل إسرائيل قطاع غزة إلى مقبرة هي الأكبر للأطفال في التاريخ الحديث حول العالم، وتوفير الحماية لهم وإنهاء حالة ازدواجية المعايير الصارخة التي تسيطر على مواقفه.
وأكد أنه ينبغي محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها الصريحة للقانون الدولي الإنساني في قتل واستهداف الأطفال الفلسطينيين ومنع إعمال حقوقهم بحرمانهم من احتياجاتهم للمساعدة الطبية- بما في ذلك اللقاحات- والغذاء والمأوى والملبس المعترف بها في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليهما لعام 1977.
وأجبر حوالي مليون طفل للنزوح قسراً من منازلهم، ويتم دفعهم الآن أكثر فأكثر إلى الجنوب إلى مناطق صغيرة مكتظة دون ماء أو طعام أو حماية، مما يعرضهم بشكل متزايد لخطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي والأمراض المنقولة بالمياه. وتتعرض حياتهم لمزيد من التهديد بسبب الجفاف وسوء التغذية والمرض، عدم إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى قطاع غزة هي حكم آخر بالموت على الأطفال.
مع استمرار حرب الاحتلال على غزة، يعاني مرضى السرطان في القطاع من عدم حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة وسط اشتداد القصف الإسرائيلي وحركة نزوح الأهالي المستمرة إضافة إلى نقص الأدوية المطلوبة، يبلغ عدد مرضى السرطان في غزة نحو 2000 مريض، يعيشون في ظروف صحية كارثية وذلك بحسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية.
ختامًا، أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والذى تم إصداره فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، والتى شهدت أهوالا ضد الإنسانية وتعهد المجتمع الدولي وقتها بعدم السماح مرة أخرى لارتكاب تلك الفظائع، إلا أن المجتمع الدولى اليوم وبعد 75 عاما حنث بوعده وتخلى عن حقوق الفلسطينيين التى ينتهكها الكيان الصهيوني كل دقيقة.