مقالات

رئيس التحرير يكتب: مصر و«البريكس».. القوة الاقتصادية المُستقبلية

أ.محمود سعيد
أ.محمود سعيد

بقلم: محمود سعيد

أصبح عالمنا الآن، على أعتاب ثورة صناعية رابعة يتحول من خلالها بالكامل نحو الاقتصاد المعرفي والرقمي في ظل التطور التكنولوجي والتقني المُتسارع في شتى المجلات، مما يحتم على الدول أن تواكب هذا التحول المصيري، فمن لا يملك هذه القوة الاقتصادية المستقبلية لن يستطع أن يظل في المقدمة وربما لن يستطع البقاء، وهذا ما يجعل وطننا الغالي أمام فرصة عظيمة لتحقيق التكامل الاقتصادي والولوج بأمان إلى المستقبل، بالشراكة مع دول مجموعة «بريكس».

ويمكن استشراف مستقبل التعاون المصري مع دول «البريكس»: «البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا»، والتي ستنضم إليها في شهر يناير من العام المقبل 2024م، دول: «السعودية ومصر والإمارات والأرجنتين وإثيوبيا وإيران»، وسط اهتمام عشرات الدول حول العالم بالانضمام إلى المجموعة الهادفة لبناء اقتصادي معرفي مُشترك بنظرة فاحصة للإمكانات المتاحة أمام دول المجموعة، إذ نجد أنه يتقدمها ما تتمتع به من التواجد الجغرافي ضمن نطاق أكبر سوق استهلاكي في العالم، الذي يربط بين 3 قارات ويشكل 88% من سكان الأرض، حيث يعيش 61% منهم في آسيا (4.7 مليار نسمة)، و17% في أفريقيا (1.3 مليار نسمة)، و10% في أوروبا (750 مليون نسمة)، فيما تمثل 27٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و18% من التجارة العالمية، فيما ارتفعت صادرات بريكس من 3.4 إلى 4.1 تريليون دولار، كما تضم «بريكس» 2 من أكبر مستوردي النفط عالمياً، وأكبر 3 منتجين بالعالم.

وتتميز دول «البريكس» بوفرة مالية ومكانة متقدمة بمجموعة العشرين العالمية، وبأسواق ناشئة وفرص واعدة للنمو تنبع من الرؤى الاقتصادية لها، ومبادرة الحزام والطريق الصينية، في حين أن الصين باتت من أكبر القوى العالمية في الخبرات التكنولوجية والتقنية، بالإضافة إلى عُملة «بريكس» الجاري التحضير لها، والتي قد تهدد عرش الأخضر الدولاري.

ولا يبقى أمام مصر، سوى مواصلة الجهود المشتركة لتطوير ممكنات النمو وبيئة الأعمال ومناخ الاستثمار المشترك مع دول «البريكس»، من أجل استيفاء متطلبات «اقتصاد المستقبل»، فالفرصة حالياً مواتية لتحقيق المجد الاقتصادي في ظل تنامي وازدهار العلاقات بين مصر ودول المجموعة، فبالإمكانات المشتركة والخبرات المُتطورة يمكن تحويل الأراضي المصرية إلى ركيزة أساسية للتكنولوجيا ونسخة من السوق التقنية الصينية في الشرق الأوسط، تعمل على توزيع مخرجات ومنتجات التعاون المشترك إلى أسواق أسيا وأفريقيا وأوروبا، وتكون نبعاً جديداً للقطاعات المستقبلية الآتية:

«تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في التعليم والصحة والرياضة والحوسبة المعرفية، وإنترنت الأشياء، وتقنية الواقع الافتراضي، والبيانات الكبيرة، وشبكة الجيل الخامس، وتقنية الواقع المعزز، وأنظمة الأمن السيبراني التنبؤية، والتكنولوجيا الحيوية، وتقنية البلوكتشين، وتقنيات حوسبة الحافة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وصناعة الروبوتات والطائرات بدون طيار، وصناعة السيارات الكهربائية، واستكشاف الفضاء، والصناعات الثقيلة والعسكرية المتطورة، وغيرها».

لا شك أن التعاون المصري مع الصين وروسيا ودول «البريكس»، في هذه المجالات المستقبلية سيعود بالنفع المتبادل على الجميع، حيث تضمن مصرنا الغالية، التحول إلى «الاقتصاد المعرفي» القائم على الابتكار، فيما تستفيد الصين والدول التكنولوجية من وطننا، من خلال عوائد الاستثمارات، واعتبار أرضنا العريقة بعبقرية مكانها وسط العالم، كمحطة لوجستية أساسية لا غنى عنها على طريق الحرير لضمان الوصول السهل إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، مما يعني تأسيس بنية تحتية مستقبلية تخدم توجهات مصر ودول «البريكس»، وتحقق أهداف برامج الاستدامة وجودة الحياة.

وتبلغ أهمية التكامل الاقتصادي المصري مع مجموعة «البريكس»، أقصاها مع ما يشهده العالم، من تغير شامل في مفهوم الإنفاق، واندثار العديد من الوظائف والقطاعات الاقتصادية مع التطور السريع للآلة والفكر الإنساني، وظهور قطاعات جديدة من المتوقع أن ترفد الاقتصاد المستقبلي بنحو 30 تريليون دولار بحلول عام 2025م، وفقا لتقرير «الفرص المستقبلية 2020» الصادر عن الحكومة الإماراتية، وهذه القطاعات هي: «البيانات الضخمة، والتنمية، واقتصاد جودة الحياة، والتنمية الدائرية، وثقافة الاستخدام بديلاً للتملك، وخفض انبعاثات الكربون، والتكنولوجيا الحيوية»، بما يثبت ضرورة مواكبة المتغيرات التكنولوجية والتزود بالمعارف المتقدمة التي تدفع مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة في مصرنا ودول المجموعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

فضلا ادعمنا لكى نستمر من خلال تعطيل حاجب الإعلانات